حاول الرئيس ريتشارد نيكسون لإقناع المكتب بأن المواجهة بين العرب وإسرائيل بشأن مصير الأراضي المحتلة قد تضر بمكانة الولايات المتحدة في العالم العربي وذلك بتقويض آفاق الانفراج بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وفي محاولة لكسر الجمود ، حيث قال انه أمر وزير الخارجية وليام روجرز للتفاوض مع السوفييت على معالم التسوية في الشرق الأوسط ، وذلك بهدف التوصل إلى الاتفاق على ان كل قوة عظمى يمكن ان تبيع لعملائها في المنطقة بحلول شهر ديسمبر عام 1969 ، ومع ذلك ، فإن الاتحاد السوفياتي ومصر وإسرائيل أعربت عن رفضها إلي ما يسمى بـ”خطة روجرز”، التي دعي فيها الإسرائيليين على الانسحاب الى خطوط الهدنة لعام 1949، مع “التعديلات التي لا قيمة لها “، في مقابل السلام .

وفشلت خطة روجرز مما أدى إلي وقف جهود نيكسون في التوصل الى تسوية مع السوفييت ، وأعاد مصداقيتها لحجة مستشار الأمن القومي هنري كيسنجر ، بأن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تدفع إسرائيل لتقديم تنازلات طالما مصر ، هي الدولة العربية الرائدة ، والتي تنحاز إلي الأتحاد السوفيتي .

وفي صيف عام 1970، التقي نيكسون مع كيسنجر وسمح لروجرز للتقديم بمبادرة محدودة لوقف “حرب الاستنزاف” الإسرائيلية-المصرية على طول قناة السويس ، والتي أصبحت السوفيت تشارك فيها عسكريا .

وفي مبادرة “روجرز الثانية،” الذي دعا فيها إسرائيل ومصر للموافقة على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر ، والمفاوضات تحت رعاية وسيط الأمم المتحدة غونار يارنغ ، وقد وافق عليه الطرفان ، حيث توقف القتال يوم 7. أغسطس ، ولكن كان نيكسون مدلل الشهية للدبلوماسية من قبل الجهود المصرية والسوفيتية لنقل صواريخ مضادة للطائرات في أقرب منطقة للقناة ، مع التدخل السوري في الحرب الأهلية في الأردن ، وحتى فبراير 1971، كانت حجج كيسنجر ضد عملاء الاتحاد السوفييتي لها تأثير مجزي قبل فوات الأوان لعقدها مرة أخرى .

وفي فبراير 1971، قدم الرئيس المصري أنور السادات لإدارة نيكسون فرصة جديدة لصنع السلام العربي الإسرائيلي ، واقترح السادات أن مصر ستعيد فتح قناة السويس اذا انسحبت قوات الدفاع الإسرائيلية ” IDF مرة أخرى من الضفة الشرقية للقناة ، حيث وافقت في وقت لاحق بوضع جدولا زمنيا لمزيد من عمليات الانسحاب . وأشار أيضا إلى أنه تنازل عن أي مطالب من العداء ضد إسرائيل في حال انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الحدود الدولية .

وبدأت جهود روجرز للاستفادة من البيانات التي أصدرها السادات عن طريق العمل باتجاه التسوية المؤقتة ، إلا أنه لم يعارض الإسرائيليين ، وتلقى دعما ضئيلا من كيسنجر ونيكسون ، حيث يعتقد كيسنجر أن المقترحات المصرية للتسوية مؤقتة ، جنبا إلى جنب مع طرح خطة السلام السوفيتية ، التي سوف يتم رفضها من قبل الإسرائيليين ، وأنه لا يريد إشعال الفتنة في أنحاء الشرق الأوسط ، وذلك لتقويض الجهود الرامية لنيكسون للانفراج قبل قمة موسكو في مايو 1972 ، وقد تعزز هذا النوع من التفكير ، وهو الرغبة في تجنب الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية عام 1972 .

وفي أعقاب قمة موسكو ، تجنب الأمريكيين والسوفييت عمدا مناقشة الشرق الأوسط ، حيث واجه السادات الأثنين بالمزيد من الخطوات للحصول على إدارة نيكسون لكسر الجمود العربي الإسرائيلي .

وفي يوليو عام 1972، قال انه قرر طرد المستشارين العسكريين السوفييت من مصر ، وفتح باكشانيل لكيسنجر من خلال حافظ إسماعيل ، ومستشار الأمن القومي .
وفي فبراير 1973، التقى إسماعيل مع كيسنجر وأبلغه بأن مصر ستكون على استعداد للتوقيع على اتفاقية سلام منفصله مع اسرائيل ، ويمكن ان تشمل مناطق منزوعة السلاح على جانبي الحدود الدولية وقوات حفظ السلام في الأماكن الحساسة مثل شرم الشيخ ، ومع ذلك ، فإن التطبيع المصرية الإسرائيلية يجب أن تنتظر حتى انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي احتلت في عام 1967 ، وقد رد الاسرائيليون بتردد ، وقدم نيكسون وكيسنجر القليل من الجهد لتغيير عقولهم ، وعلى الرغم من عروض السادات العامة التي تزيد من الإحباط ، وكذلك التحذيرات من العاهل الاردني الملك حسين والأمين العام السوفيتي ليونيد بريجنيف ، حيث يعتقد نيكسون وكيسنجر أنه بالنظر إلى التوازن العسكري لمصر وسوريا لن تستطيع أن تهاجم إسرائيل ، وهو نفس الرأي الذي أيده الكثير من الاستخبارات الأمريكية ، وحتى خريف 1973، أيقن الرئيس وكيسنجر أن أي مبادرة دبلوماسية أميركية سوف تضطر إلى الانتظار حتى بعد الانتخابات الاسرائيلية التي سوف تتم في أكتوبر .

الحرب وتداعياتها :
وفي 6 أكتوبر عام 1973، هاجمت مصر وسوريا القوات الإسرائيلية في شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان ، وعلى الرغم من النكسات الإسرائيلية الأولية ، ولكن كيسنجر ، وكل من وزيرة الخارجية ومستشار الأمن القومي ، كانوا يعتقدوا أن إسرائيل لن تفوز سريعا ، وأعربوا عن خشيتهم بأن هزيمة العرب قد تجبر السوفيت علي التدخل ، وترتفع مكانتها في العالم العربي والانفراج ضررا ، وبالتالي ، اقترح بأن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي يدعو إلى وضع حد للقتال والعودة إلى خطوط وقف إطلاق النار لعام 1967، ولكن رفض المصريين اقتراح وقف اطلاق النار ، والرغبة في تجنب كلا من الهزيمة العربية والتدخل العسكري ، ثم بدأ السوفييت لإمداد مصر وسوريا بالسلاح .

وقبل 9 أكتوبر ، وذلك بعد فشل الجيش الإسرائيلي للقيام بهجوم مضاد ضد القوات المصرية ، طلب الإسرائيليون من أمريكا أن تفعل الشيء نفسه بالنسبة لهم ، ولعدم الرغبة في رؤية هزيمة إسرائيل وافق نيكسون ، وبدأت الطائرات الأمريكية التي تحمل أسلحة تصل الى اسرائيل في 14 اكتوبر .

وتم عمل الجسر الجوي الأمريكي ، وتحول القتال ضد العرب ، ويوم 16 أكتوبر ، عبرت وحدات الجيش الإسرائيلي قناة السويس ، وبدأ السادات باظهار الاهتمام في وقف لإطلاق النار ، مما دفع بريجنيف إلى دعوة كيسنجر للسفر إلي موسكو للتفاوض بشأن الإتفاق ، واعتمد السوفيت اقتراح الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار ، وتلاها محادثات السلام من قبل مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 338 في 22 أكتوبر .

وبعد ذلك ، سافر كيسنجر إلى تل أبيب ، حيث قال للاسرائيليين أن الولايات المتحدة لن تعترض إذا واصل الجيش الإسرائيلي للمضي قدما ، في حين أنه طار أيضاً إلى واشنطن ، وعندما عاد كيسنجر من الولايات المتحدة ، وافق على طلب الاتحاد السوفيتي للحصول علي قرار وقف اطلاق النار ، والذي اعتمده مجلس الأمن في 23 أكتوبر إلا أن الإسرائيليين لا تزال ترفض وقفه .

ويوم 24 أكتوبر ، أرسل بريجنيف نيكسون رسالة علي الخط الساخن يشير إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قاموا بارسال قوات الى مصر وذلك ” لتنفيذ” وقف إطلاق النار ، حيث اختار نيكسون عدم القيام بذلك ، وهدد بريجنيف “علنا بضرورة المواجه على وجه السرعة للنظر في مسألة اتخاذ الخطوات المناسبة من جانب واحد” ، وردت الولايات المتحدة عن طريق وضع قواتها النووية في حالة تأهب في جميع أنحاء العالم في 25 أكتوبر وحتى نهاية اليوم ، حيث خفت الأزمة عندما اتخذ مجلس الأمن القرار 340، الذي دعا إلى وقف إطلاق النار ، وانسحاب جميع القوات إلى مواقعها في 22 أكتوبر ، وقام مراقبي الأمم المتحدة وقوات حفظ السلام بمراقبة وقف إطلاق النار ، وفي هذه المرة ، وافق الإسرائيليون علي القرار .

وهكذا انتهت حرب عام 1973 ، بتحمل الولايات المتحدة لتكلفة كبيرة ، ومع ذلك جلبت الولايات المتحدة إلى المواجهة النووية مع الاتحاد السوفياتي أكثر من أي وقت مضى منذ أزمة الصواريخ الكوبية ، مع إقامة الجسر الجوي العسكري الأمريكي إلى إسرائيل ، وعلاوة على ذلك ، أدت الدول العربية المنتجة للنفط إلي حصار شحنات النفط المتجهه إلى الولايات المتحدة وبعض بلدان أوروبا الغربية ، مما تسبب في الاضطراب الاقتصادي الدولي ، وهذا مهد الطريق لكيسنجر إلى بذل جهد كبير في عملية السلام العربي الإسرائيلي .

تفاصيل الحرب :
الحرب العربية الإسرائيلية التي قامت خلال عام “1948-1949” – هي الحرب الأولى مابين العرب وإسرائيل ، والتي استحوذت فيها مصر على قطاع غزة ، وانضمت مصر إلي العديد من الدول العربية الأخرى في غزو إسرائيل في مايو 1948 لدعم الفلسطينيين العرب ليقاتلون ضد الدولة الإسرائيلية حديثي الولادة .

وتم استيلاء المصريين علي السفينه الإسرائيلية بات غاليم في”صيف 1954″ التي حاولت دخول قناة السويس . ووفقا للاتفاقيات الدولية المختلفة ، حيث من المفترض أن قناة السويس تكون في متناول السفن من جميع الدول ، وأثار هذا التوتر المتصاعد الصراع بين اسرائيل ومصر .

وبناءً علي ذلك أجرت القوات الإسرائيلية الغارات على غزة في ” 28 فبراير 1955″ ، ردا على هجمات المسلحين المتكررة واستيلاء مصر على السفينة الإسرائيلية ، والتي أسفرت عن مقتل 51 جنديا مصريا و 8 جنود اسرائيليين ، وكانت هذه الغارة الأكبر من نوعها ضد القوات العربية منذ نهاية الحرب الأولى بين العرب وإسرائيل في عام 1949 .

العدوان الثلاثي على مصر وحرب 1956 في السويس وسيناء :
– ومنذ نهاية الحرب الأولى مع إسرائيل ، شجعت مصر الغارات الفلسطينية ضد الإسرائيليين من غزة وسيناء. وقدمت إسرائيل خطط بالتعاون مع بريطانيا وفرنسا لمهاجمة مصر .
وفي 29 أكتوبر عام 1956، غزت القوات الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء المصرية ، وسرعان ما تغلبت على المعارضة لأنها تسابقت للسويس ، وفي اليوم التالي في أعقاب الدعوى ، قامت بريطانيا وفرنسا بالهجوم علي مدن القناه ، ردا على تأميم مصر لقناة السويس في 31 أكتوبر ، وبذلك تعرضت مصر لهجوم وغزو من جانب القوات العسكرية من بريطانيا وفرنسا ، ولكن تعرض الرئيس آيزنهاور من الولايات المتحدة لضغوط من بريطانيا وفرنسا واسرائيل للتدخل والموافقة على وقف إطلاق النار والانسحاب في نهاية المطاف من مصر ، حيث أن مصر عسكريا هزمت حلفاء الغزو ، وأجبرت القوات الإسرائيلية إلى ترك مصر من قبل القوى العظمى .

الحرب العربية الإسرائيلية لعام 1967 :
ظلت التوترات كامنة بين الدول العربية وإسرائيل ولم تتغير منذ أول حرب عربية إسرائيلية من 1948-1949، وكان من المتوقع اندلاع حرب كبرى ثالثة ، وإدخال المنافسة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ومبيعات الأسلحة في المنطقة تسارع فقط من احتمال نشوب حرب في الشرق الأوسط ، وتطورت الى مواجهة الحرب الباردة .

وكان السبب المباشر لحرب عام 1967 ، هو قرار مصر بطرد قوات الأمم المتحدة ” UN ” من شبه جزيرة سيناء وميناء الحصار الإسرائيلي إيلات ، وكان الهدف من قوات الأمم المتحدة هو تشكيل منطقة عازلة بين الحدود الفاصلة بين مصر وإسرائيل ، وبطردهم أدت إلي خوف الحكومة الإسرائيلية من هجوم وشيك من جانب مصر . وخوفا من هجوم الدول العربية عليهم ، شنت إسرائيل هجوما وقائيا على مصر ، والأردن ، وسوريا ، وفي هذه الحرب فتحت الطريق لإسرائيل للسيطرة علي قطاع غزة وسيناء من مصر والضفة الغربية والقدس من الأردن ، ومرتفعات الجولان من سوريا .

حرب الاستنزاف خلال عام ” 1968-1970″ :
بعد الهزيمة السريعة المثير للصدمة من الدول العربية من قبل إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967، أصبحت مصر ” بدعم من الاتحاد السوفيتي” تشارك في حرب على مستوى منخفض من الاستنزاف مع إسرائيل على طول قناة السويس وشبه جزيرة سيناء .

الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 ، المعروفه أيضا باسم حرب يوم الغفران من قبل إسرائيل ، وحرب رمضان من قبل الدول العربية ، أو ببساطة ، حرب أكتوبر 1973 :
حيث شنت مصر وسوريا هجوما مفاجئا على القوات الاسرائيلية التي تحتل سيناء المصرية ، والجولان السوريه . عندما كان العديد من الجنود الإسرائيليين بعيدا عن مناصبهم لمراقبة يوم الغفران ، وأنتهت بإنتصار الدول العربية وهزيمة إسرائيل ، ولكن فتحت هذه الحرب المسرح لمفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل . حيث وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام في عام 1978. وكانت مصر أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل .. وفي عام 1982 ، أكملت إسرائيل معاهدة السلام ، بانسحابها من شبه جزيرة سيناء ، وأصبحت سيناء مرة أخرى ، تحت السيطرة المصرية .

آثار حرب يوم الغفران :
وجاء انتصار إسرائيل على حساب خسائر فادحة ، وانتقد الإسرائيليين افتقار الحكومة للتأهب .
وفي أبريل 1974، استقالت رئيسة الوزراء ، غولدا مائير من منصبها .
على الرغم من أن مصر عانت مرة أخرى من الهزيمة العسكرية على يد جيرانها اليهود ، ولكن النجاحات المصرية الأولية عززت بشكل كبير من هيبة السادات في الشرق الأوسط وأعطته فرصة لتحقيق السلام .
وفي عام 1974، تم توقيع أول اتفاقيتين لحل الارتباطات المصرية الإسرائيلية التي تنص على عودة أجزاء من سيناء إلى مصر ، وفي عام 1979 وقع السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن اتفاقية السلام الأولى بين إسرائيل وواحدة من جيرانها العرب .
وفي عام 1982، أوفت إسرائيل بمعاهدة السلام عام 1979 من قبل عودة هذا الجزء الأخير من شبه جزيرة سيناء إلى مصر .
وبالنسبة لسوريا ، كانت حرب يوم الغفران كارثة لها ، حيث سبب وقف إطلاق النار المصرية الإسرائيلية الغير متوقع في هزيمة سوريا عسكرياً ، واستولت اسرائيل علي المزيد من الاراضي في مرتفعات الجولان .
وفي عام 1979، صوتت سوريا مع دول عربية أخرى لطرد مصر من جامعة الدول العربية .