التواضع هو فضيلة إنسانية تنسب إلى أولئك الذين طوروا الوعي بأنه لا يوجد قيود بين البشر، لا يتفاخرون بأفعالهم إنهم يرفضون التباهي والغطرسة والفخر، ويفضلون ممارسة قيم مثل الحياء والاعتدال، والتواضع بالنسبة لك هو أنك لا تشعر أنك أعلى من غيرك أو أفضل منه،  يمكن بناء هذا الموقف من خلال إدراك أن ما يمتلكه الجميع حاليًا يأتي من عند الله.

وبالطبع ليس لدينا الحق في التباهي به، وقد دعى إليه الله في كتابه العزيز: ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا”

طرق بناء موقف التواضع في الحياة اليومية

عند مقابلة شخص ما، يجب أن ترى نقاط القوة لديه، وبالتالي يمكننا أن ندرك أنه أفضل  وليس لدينا رغبة في التباهي.

عندما ترى طفلاً صغيراً أو أصغر سناً، ضع في اعتبارك أنه لم يرتكب الكثير من الخطايا، بهذه الطريقة ، لا توجد رغبة في التقليل من شأنه.

وعلى العكس عندما تقابل شخصًا كبيرًا في السن، ضع في اعتبارك أنه عاش لفترة أطول في العالم، لقد اكتشف الكثير من المعرفة، هذا سيخلق الرغبة في احترام كبار السن والتواضع معهم.

عند مقابلة شخص مطلع ، ضع في اعتبارك أنه قد وهب بمعرفة الكثير من الأمور، بهذه الطريقة سيكون لديك الرغبة في أن تكون لطيفًا ومهذبًا.

أخيرًا عند مقابلة أشخاص أكثر غباءً. ضع في اعتبارك أن الشخص يتصرف بشكل سيء بسبب جهله. اين نحن؟ ولكن قد أنعم الله علينا  بالعلم والمعرفة.

الفرق بين التواضع والدونية

ومع ذلك فإن موقف التواضع يختلف عن الدونية، التواضع هو موقف نبيل في حين أن الدونية هي موقف متشائم ويشعر بالنقص عن الآخرين، هذا ليس موقفًا جيدًا لأنه سيجلب إهانات من الآخرين، التواضع يقدم المجد لشخص ما بينما الدونية هو في الواقع إهانة لنفسك.

الأشخاص المتواضعون  يكونون دائمًا مهذبين ولطيفين للآخرين بغض النظر عن العمر والموقع والثروة وأشياء أخرى، إنه يشعر أن كل شخص لديه نفس الدرجة. إنه قادر على وضع نفسه على قدم المساواة مع الجميع  ليس أفضل، ولا أغنى، ولا أكثر كفاءة، ولا أكثر نبل بطبيعة الحال، وبسبب هذا الموقف سوف يتم تمجيده واحترامه من قبل المحيطين به.

بينما الشخص الدني هو من لا يقدره أحد ولا يحترمه بسبب أشياء سيئة يقوم بها، أنه يقبل الإهانة ويشعر بأنه يستحقها، ليس لديه ثقة بنفسه تساعده على رد الأذى من الآخرين، وهذا الأمر لا يمت للتواضع بأي صلة.

تدني احترام الذات هو موقف يمثل إهانة للذات، والشعور بنفسك كأنك لا شيئً، والشعور بأن الجميع متفوقون عليك هذا الشعور بالنقص سيؤدي إلى تصرفات مترددة في الارتباط، حتى المصافحة مع أشخاص آخرين، فإنه يشعرك بالقلق الشديد، لا تجرؤ على المجيء للحديث ، لأنك تشعر بأنك “لا تساوي” مع الآخرين. خاصة عند التعامل مع أشخاص مهمين أو مسؤولين.

وهناك العديد من الطرق التي قد تسبب للإنسان الأذى من التواضع الشديد، فهناك مواقف لا يستحق فيها التواضع وخاصة مع الأعداء فيجب أن نظهر أمام الأعداء مدى بأسنا وقوتنا الشديدة ولا نحني رأسنا أمامهم أبداً.

كما يجب ألا نبالغ في التواضع مع أشخاص لا يستحقوا هذا الأمر وقد ظهر العديد أمامنا في هذا العصر يجب التعامل معهم بكبرياء لأنهم يستغلون تواضعك في الكثير من تلبية احتياجاتهم.

يجب على المرء ألا يتواضع عند إظهار طموحاته ونجاحاته فعند التقد لوظيفة ما يجب على الفرد إظهار الشهادات التي حصل عليها والنجاحات والطموحات العريضة التي يريد الحصول عليها حينها سوف تبهر المدير ويختارك فوراً فالتواضع لا ينفع في مثل هذه المواقف.

كذلك لا يجب التواضع في مظهرك الخارجي ليس بالضرورة أن ترتدي ملابس باهظة الزمن ولكن في نفس الوقت يجب أن تكون أنيق  ومنظم بملابسك واعطي انطباع جيد عن كل ما يراك.

وكذلك وتذكر أن الأمر إذا زاد عن الحد ينقلب للضد فقد يتحول التواضع المبالغ إلى الوضاعة

اضرار المبالغة في التواضع

قد ينقلب التواضع إلى وضاعة مما يجعل هيبتك واحترامك بين الآخرين ضائع، وقد يؤدي هذا الأمر إلى أضرار وخيمة، فالوضاعة تجعل الشخص مهين وذليل لا يمكنه أن يحصل على حقوقه لأن الآخرين سيشعرون بأنه لا يستحقها.

يمكن أن يكون التواضع جودة إنسانية مستقلة عن الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، لا يتظاهر الشخص المتواضع بأنه أعلى من أو أقل من أي شخص ، ولكنه يعلم أننا جميعًا متساوون ، وأن وجودنا له نفس الدرجة وبالتالي فإن التواضع لا يعني السماح للإذلال بالذات، لأن التواضع لا يعني التخلي عن كرامة الشخص.

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ) وفى رواية (ولا أبالى)