لقد شهد التاريخ العديد من المعارك الحربية سواء الجوية أو البرية أو البحرية ، وهناك العديد من المعارك التي قد خلدها التاريخ نظرًا لما شهدته من بطولة وإقدام وشجاعة جعلها من أهم العلامات البارزة التي غيرت مجرى التاريخ في الكثير من الأوطان ، ومن أهم المعارك التاريخية الشهيرة هي معركة سلاميس اليونانية .

نبذة عن معركة سلاميس

معركة سلاميس البحرية المعروفة بالإنجليزية باسم (Battle of Salamis) وباليونانية باسم (Ναυμαχία τῆς Σαλαμῖνος) هي معركة وقعت منذ زمن طويل قدره المؤرخون بأنه عام 480 قبل الميلاد ، وقد وقعت هذه المعركة بين كل من تحالف المدن داخل اليونان وبين الإمبراطورية الفارسية ، وهي تُعد واحدة من سلسلة الحروب والمعارك التي أطلق عليها اسم الحروب الفارسية اليونانية.

أحداث معركة سلاميس

وقعت معركة سلاميس تحديدًا في منطقة تقع بالقرب من بحر (إيجة) في المضيق الذي يوجد بين جزيرة سلاميس والبر اليوناني ، حيث أنه في صباح يوم الثامن والعشرين من شهر سبتمبر عام 480 ق . م ، قام جيش الفرس بالإبحار إلى هذا المضيق من أجل مهاجمة الأسطول اليوناني .

وقد استمر تدريب وتخطيط الأسطول اليوناني فترة طويلة وقام الزعيم لثيمستوكوليس بإلقاء خطبة حماسية ألهبت حماس الجنود ودفعهم إلى العزم على القتال بأقصى قوة وعدم التخطيط إلى الانسحاب أو الهروب بأي حال من الأحوال ، وبناءًا على ذلك صعد الجنود إلى ظهر السفن وتأهبوا للبدء في القتال .

وقد ذكر المؤرخ هيرودوت أن المعركة بدأت في الفجر ؛ حيث بدأ أفراد الأسطول اليوناني في الانتشار في البحر وهنا قام الفرس بمهاجمتهم معتمدين على عنصر المفاجئة ، وقد رُوي عن الفرس أنهم لم يقوموا بدخول مضيق المعركة إلا مع بزوغ الفجر ، الأمر الذي أتاح لليونانيين الفرصة الكبيرة والوقت الكافي كي ينتشروا ويتمركزوا في المواقع الحربية المختلفة بشكل منظم ودقيق وبحرية تامة وقد ادى ذلك إلى إفساد خطة الفرس .

نتائج معركة سلاميس

كان لمعركة سلاميس عدد كبير من النتائج الهامة ؛ حيث أن الأسطول اليوناني قد نجح في أن يُكبد الفرس والبرابرة ضربات قوية وعنيفة أفقدتهم كامل قوتهم وهيبتهم ونزعت معنوياتهم الأمر الذي جعل اليونانيين في مأمن من أي هجوم قد يأتي من ناحية الفرس مرة أخرى .

وقد أصبح تحالف المدن اليونانية حينذاك قادرًا على أن يكون هو صاحب الهجوم من أجل القضاء على أي هجوم عدواني قد يأتي إليهم سواء من الفرس أو غيرهم .

وقد تمكن التحالف اليوناني أيضًا من استعادة عدد كبير من الأجزاء الواقعة تحت سيطرة الفرس مثل جزر بحر إيجة وترافيا وإيونيا .

ونظرًا إلى هذه النتائج المبهرة لمعركة سلاميس ؛ فقد اعتبرها المؤرخون بمثابة الانتصار اليوناني القوي والحاسم الذي ساعد على الحد من نفوذ إمبراطورية الفرس بشكل غير مسبوق في التاريخ .

تداعيات هزيمة الفرس

كان الانتصار الذي حققته اليونان نقطة تحول كبيرة في تاريخ الحروب الفارسية الأمر الذي جعلهم يتراجعون وعاد الزعيم زركسيس إلى بلاد الفرس تاركًا ماردونيوس وبعض القوة الحربية صغيرة الحجم باليونان في محاولة أخيرة للسيطرة على الأماكن التي استعادها التحالف اليوناني ، وقد نجح ماردونيوس بالفعل في أن يُعيد أثينا إلى سيطرة الفرس ، ولكن تحالف المدن اليونانية تمكن من ملاحقته والانتصار عليه في مجموعة من المعارك الصغيرة المتتالية التي وقعت في بلاتيا .

ونظرًا إلى أن معركة سلاميس قد ساعدت بشكل كبير جدًا على إنقاذ اليونان قبل أن يتم ضمها كأحد أجزاء الإمبراطورية الفارسية ؛ فقد ساعد هذا الانتصار على أن يجعل الحضارة الغربية بمثابة قوة هامة ورئيسية بالعالم ، الأمر الذي جعل المؤرخين يضعون معركة سلاميس في خانة أهم الاشتباكات والحروب العسكرية الحاسمة والمؤثرة في مجرى التاريخ .