يحتاج كل إنسان أن يعيش حياة طبيعية سوية دون أي تدخلات خارجية أو داخلية قد تعكر صفو حياته ، ولذلك فإن الإنسان يسعى إلى التكيف مع مجتمعه ؛ حيث أنه يحاول أن يبني علاقة ناجحة أو متوافقة مع المجتمع من حوله كي يستطيع أن يعيش ويتعايش مع الآخرين ، وينقسم هذا التكيف إلى عدة أنواع ترتبط جميعها بالإنسان ، ومنها التكيف الاجتماعي والنفسي والروحي ، وهكذا يحاول الإنسان أن يصل إلى المفهوم العام للتكيف ، والذي يجعله قادرًا على مواصلة حياته.

تعريف التكيف النفسي

يُعرف التكيف النفسي بأنه عملية دينامية مستمرة ، والتي يسعى الفرد من خلالها أن يغير سلوكياته كي تصبح أكثر توافقًا وتوازنًا مع المجتمع المحيط ، ويشير المفهوم البيولوجي للتكيف النفسي بأن الكائن الحي الذي يستطيع أن يتكيف مع البيئة ؛ يكون باستطاعته الاستمرار في البقاء ، أما من لا يستطيع أن يتكيف مع البيئة ؛ فإن مصيره في هذه الحالة سيكون إلى الزوال ، وتتضمن البيئة المحيطة كل الإمكانات والمؤثرات والقوى التي تحيط بالإنسان ؛ حيث يمكنها أن تؤثر في مجهوداته للحصول على الاتزان النفسي أو البدني في حياته.

مجالات التكيف النفسي

من الجدير بالذكر أن التكيف في حد ذاته يشتمل على العديد من الأنواع المختلفة ومنها على سبيل المثال التكيف البيولوجي والإيكولوجي والثقافي وغيرهم ، أما بالنسبة للتكيف النفسي فإنه ينقسم إلى نوعين رئيسيين :

التكيف النفسي المعرفي : وهو الذي يتم من خلال التفكير والإدراك والقيام بعمل معرفي ، وتكون نتائجه هي التكامل بين العمل الوظيفي والبنيوي

التكيف النفسي الانفعالي : وهو الذي يشمل في طياته على كل الأنشطة التي تتعلق بغدد الإنسان الداخلية وما يشعر به من عواطف وانفعالات.

العوامل النفسية في التكيف

من الضروري إدراك أهمية العوامل الجسدية بجانب النفسية في التكيف مع الحياة ؛ حيث أن عدم إشباع الرغبات العضوية الأساسية لدى الإنسان قد يؤدي إلى الشعور بالتوتر والاضطراب وعدم التوازن ، وتظهر العوامل النفسية متأثرة بخبرات الطفولة والقدرات العقلية والحاجات الأساسية المشتقة وموقف الإنسان من نفسه ، ويتم تعريفها كالتالي :

خبرات الطفولة : تتكون ملامح وخصائص الشخصية للفرد وأنماط سلوكه خلال المرحلة المبكرة من الطفولة ، بمعنى أنها تحدث في أول خمس سنوات من عمره ، ومن ثَم تنتقل آثار هذه المرحلة تحديدًا إلى المراحل التالية من عمر الإنسان ؛ حيث تكون هي البنية الرئيسية لشخصيته ، وخلال هذه المرحلة تتكون العقد النفسية والمخاوف المرضية وغيرهم مما يؤثر في حياة الإنسان بشكل عام

القدرات العقلية : مما يؤدي إلى الشعور بالإحباط واليأس هو عدم القدرة على التكيف مع المجتمع نتيجة للقدرات الذكائية المنخفضة لدى البعض ، كما أن المتفوقين أيضًا قد يصابون بالملل والضيق نتيجة لارتفاع قدراتهم العقلية عن غالبية الزملاء ، وهو ما جعل التربية الحديثة تدعو إلى التعلم الذاتي الذي يعمل على تعليم كل تلميذ تبعًا لقدراته الذاتية

الحاجات الأساسية المشتقة : وهي الحاجات التي تأتي نتيجة للتعلم ؛ حيث أنها تخدم الحاجات الأساسية مثل الحاجات الفسيولوجية كالحاجة إلى الطعام والشراب ، وهناك الحاجة إلى الشعور بالحب والأمان وغيرهم الكثير من المشاعر الإيجابية

موقف الإنسان من نفسه : من الضروري أن يعرف كل إنسان الإمكانيات التي بداخله ؛ حتى يستطيع أن يخطط لطموح واقعي يتناسب مع إمكانياته الشخصية ، وذلك لأن الكثير من المتاعب التي يشعر بها الأشخاص تكون ناتجة عن تطلعهم إلى أعمال لا تتناسب مع قدراتهم بل إنها تفوق إمكانياتهم ، ولذلك يجب أن يعلم كل إنسان حجم قدراته جيدًا كي يستطيع التكيف مع بيئته.