اهتم العلماء العرب بالعلوم الطبيعية عن طريق الدراسة والبحث على المستوى العملي والنظري، نظرًا لأن العلوم الطبيعية تمثل الجانب الأول في نقد وشرح الآراء والنظريات التي تركها اليونان من أجل إثبات صحتها وصدقها والتأكد منها، وأيضا من أجل اكتشاف الحقائق وأسرار الطبيعة، ويعتبر الجانب العلمي في ربط العلوم الطبيعية بالحياة اليومية والإفادة على صعيد العقيدة الإسلامية مثل استثمار المعرفة الفلكية من أجل تعيين السمات المختلفة.

دور العلماء في تطوير الفلك

تمثل العلوم المختلفة أهمية كبرى كعلم البصريات وعلم الموازين والأثقال والكيمياء وعلم الحركة والمعادن وغيرهم من العلوم المختلفة التي كان لعلماء العرب دور كبيرًا في تطويرها واكتشافها، وذلك عن طريق إجراء التعديلات والتبديلات على آراء ونظريات اليونان وتحويلها إلى ابتكارات جديدة واكتشافات لم تكن معروفة من قبل، وكان لعلم الفلك النصيب الأكبر من إنجازات العلماء العرب، ومن بين تلك الإنجازات :

ـ ابتكار الآلات الفلكية للرصد وإقامة المراصد من أجل التوصل لمعلومات صحيحة ودقيقة عن أحوال السماء وعن القبة السماوية للكواكب والنجوم بالمكان والزمان، بالإضافة إلى مراقبة ما يحدث من تغييرات فلكية لسنة أو لسنوات عديدة، والقيام بتثبيت ذلك بدقة تامة.

ـ تدوين المعلومات التي يتم رصدها عن القبة السماوية وأحوال السماء في جداول فلكية، من أجل الاعتماد عليها في معرفة مواقع النجوم والكواكب في القبة، ومعرفة حالة كل كوكب من حيث سرعته ومكانه واتجاهه.

ـ القيام بتصحيح الآراء والنظريات الفلكية التي تركها القدماء، عن طريق الأرصاد الجديدة بالنتائج التي توصل إليها الخبراء عن النجوم والكواكب، التي أمدتهم بها الجداول الفلكية المتنوعة.

ـ وضع أسس جديدة لعلم فلك جديد يقوم من حيث الأساس على دقة الأرصاد والجداول الفلكية، وذلك من أجل رسم صورة جديدة عن الكون مختلفة عن الصورة التي تركها القدماء.

دور العلماء العرب في علم الكيمياء

برع العلماء العرب في علم الكيمياء باعتباره من العلوم الطبيعية التي قاموا باكتشافها وتأسيسها منذ البداية على قواعد راسخة، وذلك عن طريق دراستهم للمواضيع العلمية والتي أوضحت حدود وأساليب وطرق التوصل إلى النتائج الكيميائية المختلفة، فعلى الرغم من أن المؤلفات الخاصة بجابر بن حيان الكيميائية احتوت على أسرار وطلاسم بسبب اختلاط الموضوعات بما يبحثه علم الكيمياء، ولكنها على الرغم من ذلك فأن ما يغلب على موضوعاته هو الطابع التجريبي الذي يعتمد على الدقة في وزن الأشياء الداخلة في التفاعل، بالإضافة إلى اعتماد التجربة المخبرية للوصول إلى النتائج.

ويعتبر علم الكيمياء عند ابن حيان علم الصنعة، ولذلك فهو ينقسم إلى قسمين مراد لنفسه ومراد لغيره، ويُعرف المراد لنفسه بأنه الأكسير التام الصابغ، بينما يُعرف المراد لغيره بأنه العقاقير والتدابير.

طرح بن حيان العديد من الفرضيات في تطويره لعلم الكيمياء والتي من بينها فرضية أصل المعادن وتكوينها في باطن الأرض، حيث رأى أن الزئبق والكبريت هما أصل المعادن بإتحادهما في باطن الأرض أدى ذلك إلى تكوين الفلزات، وفي الوقت ذاته أشار إلى أن الاختلاف في المعادن ووجود معادن كثيرة مختلفة، كان دافعًا لوجود الاختلاف في نسب اتحاد الزئبق بالكبريت، وهذا يعني أنه إذا اختلفت نسبة الكبريت والزئبق اختلفت المعادن وتمايزت، ويمكن توضيح ذلك عن طريق :

ـ يمكن تحويل معدن أدنى إلى معدن أعلى عن طريق إضافة الاكسيرالية، وبذلك من الممكن أن يتم تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة مثل الذهب.

ـ المعادن المختلفة يتم ترتيبها في نظام خاص يعتمد على ميزان الطبائع لكل منها، أو يعتمد على الميزان الوزني، حيث أنه لا يمكن تحويل معدن إلى معدن آخر إلا بترتيب معين، فلا يجوز أن يتم تحويل عنصر إلى مرتبة أعلى دون المرور بالمرتبة الوسطية، أي أنه لا يمكن تحويل النحاس إلى فضة قبل أن يصبح ذهبًا.

ـ كافة الأشياء المتواجددة في الطبيعة لها موازينها الخاصة، وكل عنصر من العناصر في الطبيعية يتميز عن غيره، وهذا ما جعل العلماء يصنفون المعادن حسب أوزانها النوعية.

علم النبات عند العرب

اهتم العلماء العرب بعلم النبات والحيوان حيث أعطوا لهما أهمية كبرى، وكان لهم مذهبان في ذلك مذهب العرب ومذهب اليونان، وتعددت المصنفات العلمية التي تصف كلا المذهبين، واشتملت معرفة العرب بالنبات على العديد من أنواع النباتات، وقاموا بتوضيح الفرق بين النبات والشجر والعشب والكلاء، والعديد من أنواع الفواكه والكروم والنخل، بالإضافة إلى ذلك اشتملت معرفتهم على أنواع الأراضي المختلفة وما يصلح منها للزراعة وما لا يصلح، والمياه وأهميتها بالنسبة للنباتات، وأهمية الحراثة والبذور والسقي، والعديد من الأمور الأخرى التي تم تطويرها فيما بعد لتقديم الإفادة في وقتننا الحالي.

علم الحيوان عند العرب

كان لعلم الحيوان نصيب كبير من الدراسة والبحث، حيث تناول العلماء أسماء الحيوانات عن طريق إتصالهم بفصحاء اللغة من أهل البادية، ودرسوا أيضًا الوجوه المختلفة، وقاموا بترجمة المخططات اليونانية إلى العربية لكشف كافة أسرارها، وكان لكتاب أرسطو في الحيوان قيمة كبيرة من لدراسته التفصيلية لكافة أنواع الحيوانات.