تعد المقامة عبارة عن ذلك الفن اللغوي في الأدب العربي ، و الذي يكون مهتماً بشكلاً رئيسياً بنقل قصة عن شيء ما بينما يعرفها البعض بأنها عبارة عن ذلك النص النثري الذي يجمع بين فن الكتابة ، و فن الشعر .

و المقامة تشبه القصة القصيرة بدرجة كبيرة في أسلوب الصياغة المتبع بها إلا أنها تتميز عنها ببلاغتها القوية الدرجة ، و ذلك في مفرداتها أو في الجمل المستخدمة فيها حيث أن أحداث المقامة غالباً ما ترتبط بتلك القصص الخيالية ، و التي عادةً ما تكون من نسج ، و تخيل صاحبها أي كاتبها .

و هي أيضاً من أحد فنون الأدب العربي القديمة ، و التي جرى استعمالها بكثافة في المجالس الأدبية ، و التي كانت تهتم برواية القصص الفكاهية أو النوادر ، و قد أحتوى نصها في العادة على الكثير من الفوائد اللغوية علاوة على الجماليات الأدبية أو الأمثال أو الأبيات الشعرية الغريبة .

و ذلك ساهم بدرجة قوية في عملية انتشارها ، و استعمالها بين الناس بل في متابعتها ، و اهتمامها بها ، و ذلك من أجل إدراك الفائدة المرتبطة بنص  المقامة .

نشأة فن المقامة
رجحت العديد من الدراسات التاريخية ، و الآراء الأدبية إلى أن فن المقامة قد أتت نشأته  في الأصل في الأدب العربي إلى اثنان من الأدباء العرب القدامى ، و هما الأديب ( أبي بكر بن دريد ) ، و الأديب (أحمد بن فارس) إلا أنه لم يصل إلينا على الرغم من ذلك إلا عدداً قليلاً من هذه المقامات التي قاما الأديبان بتأليفها .

أما بالنسبة لانتشار المقامات في الأدب العربي فقد ارتبطت في الأصل بالأديب (بديع الزمان الهمذاني) ، و الذي قد كتب الكثير من المقامات الشهيرة ، و التي ما زال العديد منها معروفاً حتى عصرنا الحالي .

أهم خصائص المقامة

تميزت المقامة بمجموعة من الخصائص ، و التي عملت على تميزها بشكل خاص عن النصوص الأدبية الأخرى ، و من أهم خصائص المقامة :-

أولاً :- يحتوي نص المقامة على هذا الأسلوب البلاغي ، و الأدبي الواضح إذ يكون ذلك من خلال اعتماد المقامة على استعمال الأساليب اللغوية العربية المميزة ، و منها الجناس ، و الطباق علاوة على التقيد بالسجع مما زاد من جمالها الأدبي .

ثانياً :- تتميز المقامة بألفاظها الغريبة في العادة ، و لذلك فإننا نجد أن معظم أفكارها ، و التي تبنى عليها ، و تكون مرتبطة بألفاظاً غريبة بل غير مألوفة عند كثير من الأشخاص الذين يسمعونها أو يقرأونها .

ثالثاً :- تهتم المقامة بالتعليم ، و بدرجة كبيرة ، و ذلك يرجع إلى عملها على إثراء المعرفة الأدبية علاوة على اللغوية لدى الأفراد ، و الذين يهتمون بقراءة ، و سماع المقامات بشكل مستمر .

رابعاً :- عادةً ما يختار كاتب المقامة ذلك البطل الذي تدور حوله أغلب الأحداث الهامة في الرواية أو المؤثرة فيها هذا بالإضافة إلى الراوي ، و الذي يقوم براوية كل تلك الأحداث .

خامساً :- المقامة تكون محتوية على عدد من الفوائد ، و الحكم ، و المواعظ ، و التي يكون هدفها الأساسي هو المساهمة في تسليط الضوء على قضية معينة .

عناصر المقامة :- تتكون المقامة من عدة عناصر أساسية ، و هي :-

أولاً :- القصة :- و هي عبارة عن هذه الأحداث التي تدور المقامة حولها ، و التي ترتبط بكل من الراوي ، و البطل علاوة على كافة الشخصيات الثانوية الأخرى في القصة ، و في الغالب ما تشير القصة إلى فكاهة بعينها أو إلى نكتة أو قد ترتبط بسلوكاً إنسانياً معيناً أو بموضوع ما سواء كان ذلك بشكلاً لغوياً أو بلاغياً أو أدبياً حيث تنتهي الفكرة الرئيسية التي تقدمها المقامة مع انتهاءها ، و الوصول إلى هذه النتيجة المقصودة منها.

ثانياً :- البطل :- و هو عبارة عن تلك الشخصية أو الشخص الذي ترتبط به كافة الأحداث الرئيسية في المقامة ، و ينتهي كل حدث عادةً بتحقيق البطل النصر فيه إذ كان البطل في المقامات الخاصة بالأديب (بديع الزمان الهمذاني) هو أبو الفتح الإسكندري .

و كانت وظيفته الرئيسية هي التأثير في المقامة من خلال أحداثها الرئيسية ، و جرى تقديم هذه الشخصية في كافة المقامات الخاصة بالأديب (بديع الزمان الهمذاني) إذ كانت تلك الشخصية تتميز بكونها مخادعة ، و محتالة ، و كانت تعتمد على الدهاء بشكل أساسي في خداع الناس من أجل الاستيلاء على أموالهم .

ثالث:- الراوي :- و هو عبارة عن ذلك الشخص الذي تكون وظيفته الرئيسية هي راوية المقامة مثال الراوي في المقامات الخاصة بالأديب (بديع الزمان الهمذاني) ، و الذي عادةً ما كان يقوم بدوره (عيسى بن هشام) .

و الذي كان يروي أحداث المقامة عن طريق متابعته لسير الأحداث فيها بالاعتماد على معرفته ببطل المقامة علاوة على تأثيره في الأحداث الخاصة بها إذ قد يقوم بالإضافة إلى هذه الوظيفة بإبداء رأيه في بعضاً من تلك التصرفات أو السلوكيات التي يقوم بها البطل في المقامة .