تحتوي اللغة العربية على العديد من الأقسام، وتعد البلاغة من أهم أقسام اللغة العربية التي تنقسم إلى ثلاث أقسام، علم المعاني وعلم البيان وعلم البديع، وتعد الاستعارة من ضمن علوم البلاغة التي تتعلق بعلم البيان، تنقسم الاستعارة إلى عدة أنواع، ومن ضمن التقسيمات هي الاستعارة التبعية والاستعارة الأصلية.

الفرق بين الاستعارة الأصلية والتبعية

تُقسم الاستعارة إلى العديد من الأقسام مثل: الاستعارة المكنية والتمثيلية والتصريحية، ومن ضمن تقسيمات الاستعارة هناك الاستعارة الأصلية والاستعارة التبعية، فما هو الفرق بينهم:

الاستعارة الأصلية

هذه الاستعارة تأتي بلفظ جامد غير مشتق، أي أن اللفظ الذي جرت فيه هو عبارة عن اسم جامد غير مشتق.

-وهذا مثل قول الشاعر راثياً ابنه الصغير الذي مات، فقال:
يا «كوكبا» ما كان أقصر عمره وكذاك عمر كواكب الأسحار
استخدم الشاعر كلمة كوكباً ليشبه ابنه بالكوكب صغر الحجم وكبير الشأن، حيث استعار اللفظ الدال وهو الكوكب على ابنه وهو المشبه على سبيل الاستعارة التصريحية، وإذا تأملنا اللفظ المستخدم في الاستعارة وهو الكوكب فهو اسم غير مشتق جامد، ولهذا تسمى هذه الاستعارة الاستعارة الأصلية.

ـ وهنا أيضا لفظ «القيان» في قول الشاعر:
حول أعشاشها على الأشجار قد سمعن «القيان» وهي تغني
شبه الشاعر الطيور التي تغرد على الشجر بالقيان، والقيان تعني المغنيات ذات الصوت الحسن، حيث استعار اللفظ الذي يشبه الطيور وهي المشبه بالقيان وهي المشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية، ولفظ القيان هنا لفظ عن اسم جامد وغير مشتق، ولهذا يسمي اللفظ المستعار هنا بالاستعارة الأصلية.

-مثال آخر عن الاستعارة الأصلية في لفظ «حديقة» في قول المتنبي:
حملت إليه من لساني «حديقة» سقاها الحجا سقي الرياض السحائب
استعار المتنبي هنا لفظ الحديقة لكي يعبر عن الشعر، حيث أن الحديقة هي المشبه به والشعر هو المشبه وهذا على سبيل الاستعارة التصريحية، ولفظ الحديقة هو لفظ غير مشتق جامد، ولهذا فإن لفظ الحديقة يعد استعارة أصلية.

ومن هذه الأمثلة يتبين لنا أن الاستعارات يتجلى تحليلها في أمران، الأول في التصريح بالاستعارة بلفظ المشبه به، ولهذا تسمى الاستعارة تصريحية، والأمر الثاني هي أن اللفظ المستعار يكون اسم غير مشتق وجامد ولهذا تسمى استعارة أصلية، ومن هذا كله يتضح لنا أن هذه الاستعارات ومن على شاكلتها تسمى استعارة تصريحية أصلية.

الاستعارة التبعية

هذه الاستعارة تختلف عن الاستعارة الأصلية حيث أن اللفظ المستعار يكون اسم مشتق أو فعل.

-هنا مثال على هذه الاستعارة في لفظ سكت في قوله تعالى في سورة الأعراف آية 154 (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ).
في هذه الآية استعارة تصريحية حيث تم التصريح فيها بلفظ المشبه به، والذي تم فيه تشبيه انتهاء غضب نبي الله موسى بالسكوت، حيث أن اللفظ الدال على المشبه هو السكوت والمشبه هو انتهاء الغضب، ولفظ سكت تم اشتقاقه من السكوت والمقصود به سكت الغضب أو انتهي الغضب، ولهذا فهي استعارة تبعية.

-وهنا مثال أخر لفظ «عانقت» في قول الشاعر البحتري يصف قصراً:
ملأت جوانبه الفضاء    وعانقت شرفاته قطع السحاب الممطر
في هذا البيت أتى لفظ عانقت ليصرح عن المشبه والمشبه بها هنا الملامسة حيث استعار الشاعر لفظ المعانقة ليعبر عن ملامسة السحاب، وهذه استعارة تصريحية، كما أن لفظ عانقت فعل مشتق من المعانقة وتعني لامست، ولهذا فهي استعارة تبعية.

-مثال على لفظ «لبس» في قول ابن الرومي:
بلد صحبت به الشبيبة والصّبا ولبست ثوب اللهو وهو جديد
لفظ لبست استعارة تصريحية، حيث صرح فيها بالمشبه به، فالمشبه هنا هو فعل لبس وهو مشتق من اللبس، والمشبه به هو التمتع بالهوى، ولهذا فهي استعارة تبعية.