تُعتبر اللغة العربية هي لغة الجمال والبلاغة والفصاحة ؛ حيث تشتمل على العديد من المظاهر البلاغية التي تضيء الكلمات وتزيد من قوة معناها ، والبلاغة في اللغة هي التي تحمل العديد من الصور الجمالية المميزة ، وقد تتشابه بعض المصطلحات أو تشترك في صفة معينة ، ولكنها بالطبع تختلف في الاستخدام ، مثل الاستعارة بأنواعها المختلفة والتشبيه بأنواعه ؛ حيث يتم التمييز بين الاستعارة والتشبيه من خلال أركانهما التي تميز كل طرف عن الآخر  ، وهناك ما يُعرف بالاستعارة التمثيلية والشبيه التمثيلي ، فما هو الفرق بين هذين النوعين بالتحديد؟.

 الاستعارة التمثيلية

إن الاستعارة بوجه عام هي عبارة عن تشبيه تم حذف أحد ركنيه الأساسيين وهما المشبه والمشبه به ، والاستعارة التمثيلية هي في الأصل تشبيه تمثيلي تم حذف المشبه منه بينما تم التصريح بالمشبه به ، ويتم استخدام هذا النوع من الاستعارة بكثرة في الأمثال مثل “رجع بخفي حنين – لكل جواد كبوة” ؛ حيث أنه يتم استخدام التراكيب من خلال استعارة تركيب لتركيب آخر.

التشبيه التمثيلي

التشبيه بوجه عام هو مماثلة شيء بشيء آخر أو تطبيق مقارنة بين طرفين يشتركان في صفة معينة ؛ من خلال استخدام  ركنيين رئيسيين وهما المشبه والمشبه به ؛ وقد يتم وضع أداة من أدوات التشبيه المتعددة مثل “مثل – حرف الكاف” ، والتشبيه التمثيلي هو عبارة عن تشبيه صورة بصورة أخرى ، ويأتي وجه الشبه فيه من خلال صورة تم انتزاعها من أشياء متعددة مثل قوله تعالى “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ” ، وفي هذا الآية الكريمة تم استخدام هيئة الحبة التي أنبتت سبع سنابل لتكون صورة مشابهة لهؤلاء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله.

مقارنة الاستعارة التمثيلية والتشبيه التمثيلي

هناك فرق واضح بين الاستعارة التمثيلية  والتشبيه التمثيلي والتي تتضح من خلال ما يلي:

يجوز أن يكون التشبيه التمثيلي بين مفردين مثل “الكاذب كالثعبان في ضرره لخدع الآخرين دون أن يشعر به أحد” ؛ حيث تم التشبيه هنا بين كلمتين مفردتين وهما الكاذب والثعبان ، بينما الاستعارة التمثيلية لا تأتي إلا في التراكيب مثل قول الشاعر “ومن يكُ ذا فم مر مريض .. يجد مرًا به الماء الزلالا” ؛ حيث استخدم الشاعر هذا التركيب ليؤكد مدى اعتزازه بشعره وعدم التفاته لآراء الذين ينتقدون شعره.

يتم ذكر المشبه والأداة في التشبيه التمثيلي عادةً مثل قول الشاعر “وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ” ، بينما يتم حذف المشبه والأداة في الاستعارة التمثيلية حيث لا يبقى إلا المشبه به فقط من أركان التشبيه مثل قوله تعالى “وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”

لا يحتاج التشبيه التمثيلي إلى قرينة معه تؤكد حقيقته مثل قوله تعالى “مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” ، بينما تحتاج الاستعارة التمثلية إلى وجود قرينة معها تمنع من إرادة المعنى الأصلي مثل القول السائد “قطعت جهيزة قول كل خطيب” ؛ وهو مثل معروف به استعارة تمثيلية المقصود بها هنا هو قطع الكلام على المتحدثين بطريقة مباشرة أو التدخل بحسم الموقف عن طريق إضافة بعض المعلومات غير المعروفة لهم.