أحدثت وثائق بنما ضجة وجلبة كبيرة في العالم حينما تم نشرها في العام الماضي، وذلك نظراً للمعلومات السرية والدقيقة التي احتوت عليها، و مؤخراً فقد نشرت وثائق سرية لا تقل أهمية عن وثائق بنما وهى وثائق الجنة أو وثائق براديس، وفي هذه السطور نعرض تفاصيل أكثر للتعريف بها.

ماهي وثائق الجنة
وثائق الجنة المعروفة إعلامياً بوثائق براديس هى ملفات ووثائق بلغ عددها حوالي 13.4 مليون وثيقة، قام الإتحاد الدولي للصحفيين الإستقصائيين بنشرها، وقد تم العمل عليها لتكشف مخالفات التهرب الضريبي التي تمت في الفترة من 1950 وحتى 2016، كما كشفت هذه الوثائق عدداً هائلاً من المخالفات الضريبية والتهرب الضريبي الذي قام به عدد من الشخصيات البارزة دولياً وعالمياً ، وقد تم تسميتها بهذا الإسم نظراً لتسمية ملاذات التهرب الضريبي بالجنات الضريبية.

وقد شارك الإتحاد الدولي للصحفيين الإستقصائيين مع 96 مؤسسة إعلامية من بينها نيويورك تايمز وبي بي سي، وشارك حوالي 381 صحفياً يمثلون 67 دولة على مدار عام كامل في إنجاز هذا التحقيق الذي هز أرجاء الإقتصاد والسياسة عالمياً ومحلياً، وقد قامت بنشره صحيفة زود دويتشي تسايتونج الألمانية، وهى التي قامت بنشر تسريبات بنما في العام الماضي أيضاً.

وقد تم الحصول على هذه الوثائق عن طريق تسريبات من مكتب المحاماة المعروف عالمياً ابلبي، وهو المكتب الذي ساعد معظم هؤلاء الأثرياء في التهرب الضريبي، كما ساهم في تسريب هذه الوثائق أيضاً شركة آسياستي، وقد ضمت هذه الوثائق إيميلات وبيانات مصرفية ودعاوى قضائية بما لا يدع مجالاً للشك بشأن مصداقية هذه الوثائق.

ما هي ملاذات التهرب الضريبي
هى شركات خارج البلاد “اوف شور” تقدم خدمات معقدة لمساعدة الأثرياء في التهرب الضريبي، حيث تقوم بإستثمار أموال الأغنياء خارج دولهم وتساعد في التهرب من الضرائب الباهظة التي يتم فرضها على هذه الأموال، كما يقوم الأغنياء بإستخدامها لإخفاء ملكياتهم لأصول معينة بغرض التهرب من دفع الضرائب عنها.

وفي دراسة أجراها الباحث الإقتصادي غبريال زوكمان أظهرت أن هناك بعض الشركات المتعددة الجنسيات تقوم بتحويل حصص متزايدة من أرباحها للإحتفاظ بها في الخارج، وقد بلغت قيمة هذه الأرباح 600 مليار يورو.

عرض لأبرز الشخصيات التي تم الإعلان عنها من خلال هذه الوثائق
كشفت هذه الوثائق الستار عن عدد كبير من الشخصيات العامة والبارزة عالمياً التي ورد ذكرها في المستندات التي توصل إليها الإعلاميون الذين قاموا بنشر هذه الوثائق ومن أبرز الشخصيات التي أعلن عنها

ملكة بريطانيا: يعد أبرز الأسماء التي كشفت عنها وثائق براديس هو إسم الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، والتي على الرغم من عدم وجود قوانين تحرم الإستثمار خارج البلاد إلا أن مجرد ذكر إسم الملكة جعلها ضمن الأسماء المرجح أنها تقوم بالتهرب الضريبي، حيث تقوم بإستثمارات في أحد الصناديق بجزر كايمان.

كما ورد إسم عدد من قيادات الحكومة الأمريكية ومن بينهم وزير الخارجية ريكس تليرسون وغراي كوهي كبير المستشارين الإقتصاديين، وكذلك وزير التجارة ويلبر روس الذي إحتفظ بحصة تقدر قيمتها بملايين الدولارات داخل شركة نافيجاتور.

قيام شركتين من كبرى الشركات الحكومية الروسية بضخ مبالغ مالية طائلة سراً لإستثمارها بشركتي فايس بوك وتويتر.

كما كشفت الوثائق عن العديد من المعاملات المالية التي قامت بها بعض المؤسسات العالمية العملاقة مثل ابل ونايكي للتهرب من آداء الضرائب المقررة عليهم.

كذلك فقد وردت معلومات حول التحالف والقرض السري الخاص بشركة جلينكور وذلك لتأمين حقوق التعدين المربحة في جمهورية الكونغو الديموقراطية.

كما قام بعض المليارديرات الروسيين بإستخدام بعض شركات الأوف شور العالمية وذلك للحصول على حصص في ناديي أرسنال وإيفرتون الإنجليزيين.

النتائج المترتبة على نشر هذه الوثائق
إن نشر هذه الوثائق يضع القيادات العالمية في مأزق كبير وبخاصة قيادات الدول العظمى المتورطة في هذه الوثائق وهى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي، وذلك بعد أن تورط عدد من كبار مسؤلي حكومة ترامب في هذه المخالفات المالية، وهو من تعهد من قبل في برنامجه الإنتخابي بمحاربة التهرب الضريبي وتوجيهه لدعم إقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية، كما تأتي إستثمارات الملكة الإنجليزية لتوضح أن هناك قانوناً يطبق على الأغنياء وآخر للفقراء مما يضع الحكومات في مأزق أمام الشعوب وعليهم إتخاذ قرارات سريعة لتهدئة الرأي العام المحلي والدولي.