تعد لغتنا العربية من أكثر اللغات انتشاراً والأكثر قدسية عند المسلمين بكل الجنسيات العربية والغير عربية، حيث نزل بها القران الكريم، تحتوي اللغة العربية على العديد من المفردات والمعاني التي تجعل منها لغة قوية تستطيع التعبير بها عن أي شيء تريده بصيغ مفردات عديدة، وأدي هذا التنوع في اللغة العربية إلى ظهور العديد من المفردات والكلمات التي تتشابه في الشكل وتختلف في المعنى أو العكس.

الكتابة العربية

تتشابه العديد من الحروف في اللغة العربي، وكانت أحرف اللغة العربية قديماً لا تُنقط بل كان العرب في البداية يعرفون الحروف من سياق معنى الجمل المكتوبة، إلا أن بعد ظهور الإسلام وانتشاره في العديد من الدول حول الجزيرة العربية أصبح العجم يتعلمون اللغة العربية حتى يتمكنوا من قراءة القرآن الكريم باللغة الأصلية التي نزلت به.

كان الأمر صعب بسبب عدم تنقيط الحروف، فنقطة واحدة إذا كانت موجودة على الكلمة من الممكن أن تغير معنى الكلمة تماماً عن إذا ما كانت غير موجودة، فلا يمكن التفرقة بين الراء والزاي والسين والشين والطاء والظاء وغيرها، فالاختلاف في التنقيط الكلمة أو عدم تنقيطها من الممكن أن يغير معنى أية من القرآن ومعنى حديث شريف، ولهذا قام أبو الأسود الدؤلي بتنقيط حروف اللغة العربية.

من أشهر الكلمات التي تدل على هذا الأمر والتي يختلط كثير من الناس في التفرقة بينهم، وهي كلمتين (نفد-نفذ) يختلفان في نقطة واحدة حولت الدال إلى ذال وجعلت بينهم اختلاف كبير في المعنى.

الفرق بين نفد ونفذ

معني نفد

نفد بالدال كما ورد في لسان العرب أنها تعني: انتهاء الشيء وخَلًص الشيء فني، وحيث يقال: نفد الشيء نفداً أو نفاداً، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة الكهف أية 105 قول الله سبحانه وتعالى (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي)، وهذه الآية نزلت لترد على المشركين أن كلام الله هذا الذي ينزل على نبيه محمد سينفد ويَخلِص، فكان الرد البليغ من الله سبحانه وتعالى في الآية الكريمة بأن كلام الله لا ينفد ولا ينتهي ولو أن البحر إذا تحول إلى حبر ليكتبوا به كلام الله لن ينفد كلام الله.

وقال الله سبحانه وتعالي في سورة النحل أية 96 (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وفي سورة لقمان أية 27 قال تعالي (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ أن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).

وكان العرب يقولون على القوم الذين ينتهي من عندهم الطعام والشراب (نفد القوم) أي أصبحوا بدون مال أو طعام، وقالوا على الشخص الذي يستنفد طاقة خصمه أنه (شخص منفاد) أي أنه قوي للغاية ويتلاعب بخصمه وينهي قوته ويبقى معه حتى النهاية حتى ينتهي من حججه في الكلام أو قوته في القتال.

معني نفذ

أما نفد بالذال كما ورد في لسان العرب تعني تجاوز الشيء والتخلص منه، وقال نفذ الشيء أو ينفذ الشيء نفاذاً ونفوذاً، وعندما يقال نفذتُ من فلان أي هربت منه وتخلصت منه.

من يستطيع أن يهرب من مأزق أو خطر ما يُقول عليه بأنه نفذ، وقال تعالى في سورة الرحمن أية 33(يا معشر الجنّ إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلّا بسلطان)، وفي هذه الآية تحدى الله سبحانه وتعالى الجن والإنس أن ينفذوا أو يخرجوا من السماوات والأرض فلن يخرجوا إلا بسلطان.

ويقال للحاكم أن كلامه نافذ أي مطاع وحكمة ماضٍ، ويقال للرجل الذي يملك المال والجاه والسلطة بانه رجل صاحب نفوذ، ويقال على الطريق أنه طريق نافذ أي سالك ولا يوجد به أي سدود أو عوائق