يعتبر التعاون أهم عنصر من عناصر نجاح العمل الجماعي بين الأفراد في كافة المؤسسات الاجتماعية ، فالتعاون هو روح العمل وميزان الجماعة ودونه يحدث خلل كبير بين الأفراد ؛ لهذا حثنا الله سبحانه وتعالى على التعاون وذلك لقوله الكريم {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}(سورة المائدة ، الآية رقم 2) ، فالتعاون يقوي الصلات بين الأفراد ويجعلهم كالبنيان المرصوص .

وتعد الأسرة هي الملجأ الأول لنشوء قيم التعاون ، فيجب على الأب والأم غرس قيمة التعاون في نفوس أبنائهم ، حتى يخرجوا للمجتمع جيلًا صالحًا خاليًا من الأنانية وقادرًا على العمل تحت لواء الجماعة ، من أجل رفعة المجتمع. وبالطبع للمدرسة دور فاعل في إرساء القيم النبيلة كقيمة التعاون من خلال دمج التلاميذ معًا ، وتكليفهم بمهمات جماعية ومكافأتهم عند التزامهم بقيم الجماعة.

كما يمكن أيضًا توطيد قيم التعاون من خلال المسجد والكنيسة ، فالأديان السماوية تؤكد على قيم التعاون والمساواة بين الأفراد ، لأنهما طريق النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ، ولفهم ماهية التعاون بصورة أفضل سنعرض لكم حوار بين شخصين عن التعاون ؛ لنبين لكم أهمية التعاون وقيمته في حياة الفرد والمجتمع.

حوار بين شخصين عن التعاون

دخل الأب إلى المنزل بعد يوم عمل طويل وبعد أن استراح قليلًا ، دخل عليه طفله حسان ذو العشرة أعوام وهو غاضب ، وأخذ يشتكي له من أن المعلمة كلفته بمشاركة زميله في إحدى المهمات المدرسية ، ولأن حسان كان طالب متميز يجيد عمل الواجبات والمهمات الدراسية رفض ذلك بحجة أنه لا يحتاج لشريك في العمل.

استمع الأب جيدًا لكلام طفله ثم قال له : حسنًا يا حسان فلنتناول الطعام وبعدها نتحدث في الأمر . بعد تناول طعام الغداء قال الأب لطفله : اذهب إلى عمك أولًا وائتني منه بجرة ماء ، فقال حسان ولكن يا أبي ألن نكمل حديثنا؟ فقال له الأب : بعد أن تعود يا بني .

ذهب حسان إلى عمه وطلب منه جرة ماء ولما أعطاه الجرة عاد بها إلى أبيه ، فطلب منه أبوه أن يعود إلى بيت عمه ويأتي هذه المرة بجرتين ممتلئتين بالماء، فذهب حسان ثانيةً لبيت عمه وطلب منه جرتان من الماء. فأعطاه عمه الجرتين فحملهما إلى منزل أبيه بصعوبة.

وعندما وصل حسان ووضع الجرتين على الأرض ، قال له أبوه: اذهب هذه المرة وائتني بثلاث جرات من الماء ، فقال حسان والغضب يبدو على وجهه: كيف هذا يا أبي أظن أنني لن أستطيع ، فقال له والده: ولكن أنت طفل مميز ومجتهد يا حسان فلتحاول ربما تنجح!

بالفعل ذهب حسان إلى بيت عمه وطلب منه ثلاثة جرار مملئة بالماء ، وأخذها حسان إلى بيته وبينما هو سائر بالطريق وقعت منه الجرار وانكسر منها اثنتان ، فلما دخل على أبيه سأله أين الجرار يا حسان؟

فقال حسان: يا أبي أنا شخص واحد ولي يدان اثنان لا أستطيع أن أحمل بهما أكثر من جرتان ، لذا عندما حملت الثلاثة وقعت الجرار مني وتكسرت.

هنا قال له الأب: وما الحل من وجهة نظرك يا حسان؟ فقال حسان: كان يجب أن ترسل أختي معي لتحمل الجرة الثالثة، هكذا لم تكن لتنكسر الجرار.

فابتسم الأب وقال: إذن كنت تريد أن تعاونك أختك في حمل الجرار؟ فقال حسان : نعم بالطبع. هنا قال الأب: إذن لماذا تغضب حينما يعاونك زميلك بالمهمات المدرسية ! يا حسان لقد خلقنا الله سبحانه وتعالى بقدرات مختلفة ولكل فرد منا طاقة محددة ، والإنسان وحده لن يقدر على الحياة بمفرده أو تحمل كل مشاق الحياة.

التعاون نعمة كبيرة يا ولدي وخُلق لا بد أن نتحلى به ، فقد حسنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز على التعاون في العديد من الآيات القرآنية. هنا فهم حسان الدرس الذي أراد أن يعلمه له والده من قصة الجرار ، وعلم أن التعاون هو أساس النجاح وأنه يزرع الألفة والحب بين الناس ويقربهم من بعضهم البعض .

فوائد التعاون

لا شك أن للتعاون فوائد كثيرة ومتعددة تؤتي بثمارها على الأفراد بصفة خاصة والمجتمعات بصفة عامة، ومنها:

  1. تنمية المجتمع وتحسين أوضاعه بفضل التكاتف والتآزر بين الأفراد
  2. تفجير الطاقات الخلاقة لدى الأفراد والمساعدة على اكتشاف قدراتهم المخبوءة
  3. تبادل الأفكار والمعلومات بين المجموعة مما يخلق روح الإبداع وسعة التفكير
  4. يساعد على تجاوز الأزمات والتغلب عليها، فحينما يكون الناس عصبة تنكسر أمامهم الصعاب.
  5. تخليص الأفراد من الشعور بالعجز وتقوية مواقفهم
  6. زيادة الترابط بين الأفراد وتحمل المسئوليات
  7. الشعور بالمساواة والتخلص من المشاعر السلبية
  8. الابتعاد عن الأنانية وحب الذات
  9. زيادة الألفة والحب بين الأفراد في المجتمع
  10. التقدم والنجاح في مختلف مجالات الحياة
  11. تحقيق التماسك بين المجتمع
  12. تسهيل العمل، وتوزيع الأدوار على كافة المتعاونين .
  13. الشعور بالسعادة والرضا .
  14. تنظيم الوقت وتوفير الجهد المبذول .