الحروب هي صراع بين دولتين أو أكثر بالأسلحة ، ولكن عادة ما يكون الهدف منه هو تحقيق مكاسب سياسية للدول المتصارعة ، ولكن في بعض الأوقات تتجنب بعض الدول هذا الصراع المسلح ، ولكنها تستعين بقوى أخرى لخوض هذا النزاع بدلا منها بشكل خفي أو معلن ، وهو مايعرف باسم الحرب بالوكالة .
تعريف الحرب بالوكالة
الحرب بالوكالة هي الحرب القائمة على تحالف أحد طرفي الحرب مع بعض القوات الكبرى ، ضد الطرف الآخر حيث أن الحرب بالوكالة لا تعتبر حرب مستقلة لكنها تابعة للحرب الفعلية القائمة بين كل من الأطراف وتعتبر الحرب بالوكالة فرع ثانوي من الحرب القائمة ، وبشكل مفصل هي عبارة عن تمويل القوى العظمى بالأموال والأسلحة في محاربة الطرف الآخر سواء كانت هناك مصالح مشتركة لتلك القوى كما هو الحال في تمويل الولايات المتحدة الأمريكية للحكومة الأفغانية للحرب ضد تنظيم القاعدة ، وذلك لأن الولايات المتحدة الأمريكية ترى خطورة بقاء تنظيم القاعدة على الأمن العام بها ، وقد تكون تلك الحرب بدون مصالح واضحة ومشتركة كما هو الأمر في تمويل إيران للحوثيين ضد اليمنين .
وتعتمد حرب الوكالة في غالب الأمر على طرف ثالث يبتعد كل البعد عن الحرب الأصلية ، غالبا ما يكون من الارهابين أو المتمردين الذين يتم تمويلهم بالأموال والأسلحة اللازمة من قبل القوى العظمى التي تتولى ذلك الأمر في معظم الأحيان لتحقيق مصالحها الشخصية ، حيث أن تلك القوة العظمى تبحث في غالب الأمر على ما يجلب النفع لها ولشعبها حتى وإن كان ذلك عن طريق التعدي على بعض حقوق الدول الأخرى بحرب الوكالة ، وتلعب الدول العظمى دور الممول الذي يعمل على توفير الأسلحة والأموال التي تساعد القائمين على حرب الوكالة ، لكنها لا تشارك بشكل فعلي في تلك الحرب وذلك حفاظا على أبناء شعوبها وكذا الاستعانة بمن لهم دراية كبيرة بتلك الدول التي تقام بها حروب الوكالة .
أسباب اللجوء للحرب بالوكالة
من أهم الأسباب التي تجعل الدول تتجه إلى ذلك النوع من الحروب هي خوف الدول على أبناء شعوبها من الموت ، لذا يقوموا بتمويل أطراف أخرى لتقوم بذلك بدلا منهم ، كما هو الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية ودولة أفغانستان في تمويلها للمحليين أو للحكومات نفسها وذلك لأن المحليين أكثر دراية ومعرفة بمناطق الدولة ، وذلك يجعل استخدامهم وتمويلهم لتلك الحروب المقامة على أرضهم أفضل من تدخل الدول الأخرى خاصة وأن ذلك التدخل من قبل الآخرين قد يجلب العديد من ردود الفعل الغير محبذة من قبل منظمات الحقوق الدولية ، التي قد تندد بتلك الأفعال أو الحروب .
وقد تكون الأسباب غير ذلك مثل دعم الدول الأخرى والمشاركة الأيديولوجية المقامة بين الأحزاب السياسية بعضهم البعض ، مثل حزب الله اللبناني وإيران ، ومن أسباب اللجوء أيضا إلى وكلاء الحرب هي عدم الخوض في الحروب مثلما تفعل روسيا مع اوكرانيا بتمويل المعارضين للحكومة بها ، وفي أغلب الأحيان لا تظهر تلك التمويلات أو الحروب واضحة بينة لكنها تكون في الخفاء في الأغلب ، وفي ذلك مصلحة للدول من أجل عدم الخوض في الحروب مع القوى العظمى التي تدعم وتمول المعارضة أو العصابات بتلك الدول ، كما هو الأمر في حرب إسرائيل لحزب الله اللبناني حيث كانت الحرب بينهما قائمة لسنوات مع الدعم المالي لحزب الله اللبناني من قبل إيران لكن لم تقم إيران بضرب اسرائيل بشكل مباشر وذلك خوفا من عواقب ذلك الفعل .
بالرغم من بعض الفوائد التي تتمثل في الحرب بالوكالة إلا أن هناك بعض الأمور الخطرة التي تتعلق بذلك النوع من الحرب ، وذلك لأن جميع الأطراف يسعون بشكل دائم إلى تحقيق المصالح الخاصة بهم ، فالسبب الأول لما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان هو حفظ الأمن الخاص بها خاصة بعد حادث 11 سبتمبر ، وفي غالب الأمر يكون الوكلاء من الطبقة الغير صالحة في شتى الدول وكذلك هم من الغير الأكفاء ، كما أن الدول الراعية تكون في أكثر الأحيان سعيدة بما يحدث بين تلك الشعوب بعضها البعض ، حتى أن ذلك غالبا ما يؤدي إلى وجود العديد من الصراعات والتناحر بين معظم الدول بين المؤيدين والمعارضين لتلك الحروب .
وكان أهم الأسباب التي تسعى الدول من خلالها للجوء إلى حرب الوكالة في العصور القديمة ، وكذلك العصور الوسطى هي تحقيق المصالح الخاصة بها وذلك لنيل النفوذ السياسة التي تجعلها ذات مكانة كبيرة بين دول العالم جميعا ، وكانوا يعتمدون على طرق المنازعة والمنافسة بين أطراف الحروب ، لكن مع بداية العشرينات كانت الوكالة بتمويل طرف ضد الآخر .
تأثير حروب الوكالة على المجتمعات
ومن التأثيرات التي تعود على الدول التي تقام بها تلك الحروب الأضرار الكبيرة التي تقع على عاتق الدول من خسائر سواء كانت تلك الخسائر بشرية بقتل عشرات الآلاف من البشر مثلما كانت الحرب السوفيتية سببا في قتل الآلاف من البشر منذ بدايتها وصولا إلى انتهائها ، كل تلك الحروب كانت في المنطقة الأوروبية .
حرب الوكالة ودول الشرق الأوسط
لكن بالنظر إلى الشرق الوسط نجد تلك الحروب ظاهرة جلية فيما يحدث في سوريا بين كل من دولة إيران التي تمول الجيش السوري ضد المعارضين ، وكذلك ظهور داعش التي عملت على معاداة جميع الدول ويعود ذلك إلى كونها ممولة من إحدى القوات العظمى الخفية ، كما هو الحال فيما يحدث في الدولة اليمنية وظهور الحوثيين الممولين من قبل إيران للحرب على كل تلك الدول كانت حرب الوكالة فيها سببا في الدمار للمؤسسات والمنشآت الحيوية ، وتدهور التعليم وجميع المرافق الأخرى ، كما أن تلك الحروب كانت سببا أيضا في ترحيل العديد من أبناء تلك الشعوب إلى أوطان أخرى غير أوطانهم التي أقاموا فيها ، وتعرضوا بسبب الاغتراب إلى العديد من المواجهات الأمنية أو الاضطهاد بشكل عام .
القتل والسجن والموت كل ذلك كان نتيجة لحروب الوكالة التي تحدث بالشرق الأوسط بجانب الدمار الذي حل بتلك البلاد ، ويرجع السبب في النفوذ إلى توفر العديد من الأسلحة والأموال التي يقوم أصحاب القوات العظمى بتوفيرها للطرف الذي تم توكيله للحرب في تلك البلاد وذلك لتحقيق مصالح خاصة بتلك الدول العظمى ، وغالبا ما تكون الأضرار لتلك الحروب في فقد البنية التحتية بشكل كبير للدول التي تقام بها الحروب وفقد المنشآت الحيوية بها ، حتى أن مفاوضات السلام التي تقام لا تؤتي ثمارها في خلق حلول لتلك الحروب المقامة بين الدول ، وذلك لأنها تستغرق الكثير من الوقت في المفاوضات بين جميع أطراف الدول المشاركة في الحرب ، لكن في الغالب لا يتم الوصول إلى حل مثمر بسبب الاختلافات والمناوشات بين المسؤولين على تلك التحزبات أو الأطراف السياسية ، حروب الوكالة وإن كانت تعود بالمنافع على بعض الدول إلا أنها تحتوي على العديد من المساوئ والأضرار على الدول الأخرى .