تقام الحروب من أجل تحقيق المصالح السياسية التي لم تتحقق بالوسائل الأخرى أو الأساليب السلمية ، فالحرب هي السياسة ولكن بطريقة القوة العسكرية ، تلك القوة التي لا تتوقف عن النزاع المسلح إلا بعد الوصول لأهدافها ، لذلك نجد أن الدول الكبرى قد خاضت الكثير من الحروب ، مثل فرنسا والتي تعد اكثر دولة خاضت حروب ، ونتعرف في هذا المقال على إجابة أحد الأسئلة التي لطالما ترددت في أذهاننا ونحن نشاهد تلك النزاعات ، لماذا تخوض الدول الحروب .

لماذا تخوض الدول الحروب

يتم تعريف الحرب وفقًا لـ قاموس أكسفورد الإنجليزي على أنها حالة من النزاع المسلح بين دول مختلفة داخل بلد ما ، أيضًا تم تعريفها أنها حالة عدائية بين مجموعة كبيرة من الأفراد ويطلق على هذا النوع من الحروب اسم ” الحرب الأهلية ” ، كما يتم تعريفها أنها حملة مستمرة ضد نشاط معين غير مرغوب فيه ، ظلت تلك الحروب جزءً لا يتجزأ من التاريخ على مر العصور ، لكنها كذلك ظلت مدمرة أكثر من فائدتها وهو ما تم ملاحظته من خلال التقدم والتطور التكنولوجي ، لذا عندما يتم خوض حرب فعادة ما تكون لأسباب متعددة متشابكة وليست لسبب واحد ، وكثيرًا ما حاولت النظريات والدراسات على مدار السنين الوصول لأسباب حدوث هذه الحروب ، وقامت أعظم العقول بعرض أفكارها حول هذه الأسباب ، والتي تضمنت أسبابًا رئيسية كما يلي :

المكاسب الاقتصادية

في غالبية الحروب التي تحدث يرجع سببها الرئيسي لوجود مطامع لدولة ما في ثروة دولة أخرى ، ومهما اختلفت الأسباب التي يتم إعلانها بحيث تكون أكثر نبلًا فيظل السبب الرئيسي المختبئ هو الدافع الاقتصادي ، يظل سر معظم الصراعات حتى في العصور القديمة قبل وجود الصناعات والتطور فقد كان الطمع يشمل الموارد المعدنية الثمينة مثل الذهب والفضة أو حتى الثروة الحيوانية وعلى رأسها الخيول ، أما في العصر الحديث فترجع الموارد التي تمثل مطمع للدول هي النفط والمعادن والمواد التي يتم إدخالها في التصنيع ، ويقول الكثير من العلماء أن كلما تزايد عدد السكان في العالم كلما اختلفت أسباب الحروب فمن الممكن أن تصل في يومًا ما لحروب على الماء والغذاء .

ومن أمثلة الحروب التي نشبت لأسباب اقتصادية ، الآتي :

حروب الأنجلو – الهندية ” 1766-1849 ”

هل حروب اندلعت بين شركة الهند الشرقية البريطانية والولايات الهندية المختلفة ونتج عن هذه الحرب إقامة الحكم الاستعماري البريطاني في الهند ، وذلك قد جعل الموارد القيمة الموجود في القارة الهندية تحت تصرف كامل من بريطانيا .

الحرب الفنلندية السوفيتية أو ما يسمى بالحرب الشتوية ” 1939-1940 “

أراد ستالين ومعه الجيش السوفيتي أن يستولوا على النيكل من فنلندا وهو الأمر الذي يرفضه الفنلنديون ، فقرر الاتحاد السوفيتي شن حربًا على فنلندا .

المكاسب الإقليمية

تعد المكاسب الإقليمية أحد أهم أسباب اندلاع الحروب ، فقد تقرر دولة ما أنها بحاجة إلى توسيع مساحتها من الأراضي سواء لغرض زيادة الرقعة الزراعية أو السكنية ، ومن السائد أيضًا استخدام الأراضي في زيادة المنطقة الحدودية بين بلدين وخاصة في حالة العداء .

هذه الحروب تعتمد بشكل ما على دعم دولة مجاورة أو ” الحرب بالوكالة “وعادة ما تتدخل هذه البلد أو الطرف الثالث في الصراع وتحكم لصالح الدولة التي تناسب مصالحها اللوجيستية والعسكرية والاقتصادية .

كانت الحروب بالوكالة شائعة بشكل كبير أثناء الحرب الباردة ، ومن أمثلة ذلك النوع من الحروب ما يلي :

الحرب المكسيكية الأمريكية ” 1846-1848 ”

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بضم تكساس المكسيكية إلى أراضيها ، وهو ما جعل المكسيك تستمر في المطالبة بعودة تكساس لأراضيها ، واشتعلت الحرب بينهما وظلت الولايات المتحدة محتفظة بتكساس كدولة .

الحرب الصربية البلغارية ” ١٨٨٥-١٨٨٦ “

نتيجة لتحرك الفيضان المائي للبحر خلق حدودًا بين بلغاريا وصربيا وهو ما جعل الحرب تندلع بينهما لتحول صربيا إلى بلدة حدودية صغيرة .

الحرب العربية الإسرائيلية أو “حرب الأيام الستة” ” 1967-1988 “

شنت هذه الحرب نتيجة استيلاء القوات الإسرائيلية على أراضي الضفة الغربية من دولة فلسطين بما فيها القدس الشرقية .

الدين

هذا النوع من الحروب عادة ما يكون له جذور تاريخية بالغة القدم ، تظل نائمة لفترات من الزمن ثم تعود للظهور مرة أخرى في لمحة عابرة من الزمن ، وغالبًا ما تحدث هذه الصراعات لأسباب أخرى مثل القومية أو الانتقام الراقد من عصور ماضية .

وعندما يحدث أن تتحارب الأديان مع بعضهما البعض فإن ذلك قد ينتج عنه حروبًا دولية تصل للقتال ، ومن أمثلة هذه الأديان التي تختلف بها الطوائف هم : ” البروتستانتية والكاثوليكية والسنة والشيعية ” .

ونذكر من الحروب التاريخية التي قامت من أجل الدين :

الحروب الصليبية  “1095-1291 ”

هي سلسلة من الحروب الصليبية التي أشعلتها الكنيسة اللاتينية في العصور الوسطى ، وكان هدفها طرد الإسلام ونشر المسيحية .

حرب الثلاثين عامًا ” 1618-1648 ”

اندلعت تلك الحرب عندما حاول الإمبراطور الروماني المقدس فرديناند الثاني فرض الكاثوليكية الرومانية على الناس التي في نطاق منطقة حكمه ، والتي كانت تجمع فصيل من البروتستانت المقيمين في شمال البلاد مما أدى لنشوب الحرب .

الحرب الأهلية اللبنانية ” 1975-1990 ”

حدثت تلك الحرب الأهلية بين اللبنانيين وبعضهم لسبب أساسي وهو النزاعات بين المسلمين من الطائفتين السنة والشيعة ، وبين المسيحيين .

الحروب اليوغوسلافية ” 1991-1995 ”

تكونت تلك الحرب من الحرب الكرواتية والحرب البوسنية وخاض الحروب السكان الكاثوليك والمسلمين الأرثوذكس ، في يوغوسلافيا السابقة .

الحرب الأهلية السودانية الثانية ” 1983-2005 ”

تلك الحرب نشبت بسبب محاولة فرض الحكومة المركزية الإسلامية على الجنوبيين غير المسلمين قوانين الشريعة الإسلامية .

القومية

القومية هنا تعني أن بلدًا معينة تحاول إثبات تفوقها على بلد أخرى من خلال القوة ، لذلك ترى الغزو الوسيلة الأفضل .

ويقول الدكتور ريتشارد نيد ليبو ، أستاذ النظرية السياسية الدولية في قسم دراسات الحرب في كلية كينجز كوليدج في لندن ، أن من الممكن أن تحمل الحروب كافة الأسباب الممكنة لكن لا يمكن أن تخلو من فكر القومية ، حيث أكد في مقال له أن معظم الحروب لا يتم خوضها لأسباب تتعلق بالأمن والمصالح المادية وإنما تعكس الحروب روح القومية .

من أمثلة تلك الحروب : 

حرب تشيشيميكا ” 1550-1590 ”

وهي عبارة عن الغزو الأسباني لحضارة الأزتك في المكسيك الحديثة .

الحرب العالمية الأولى  ” 1914-1918 ”

وتلك الحرب نشبت لسبب رئيسي وهو الولاء الشديد والوطنية من كل بلدة ، حيث آمنت مختلف الأمم الأوروبية بأن لهم السيادة الثقافية والاقتصادية والعسكرية على الدول الأخرى ، وقد ساهمت تلك الحرب في تغيير خريطة العالم  .

الانتقام

الانتقام يكون نتيجة شعور أهل بلدة ما بالظلم من بلدة أخرى أو عامل تاريخي تعرضت له أثر عليها بالسبب كان بأيدي دولة ما وهو أمر متعلق بالقومية أيضًا ، تلك الحروب الانتقامية هي سلسلة من الحروب التي من الصعب جدًا إيقافها ، وقد حمل التاريخ العديد من الحروب الأوروبية التي نشبت بدافع الانتقام ، نذكر منها الآتي :

الحرب العالمية الثانية ” 1939-1945 ”

نتج عن معاهدة فرساي التي فرضت عقوبات صارمة على ألمانيا إلى نشوب الحرب العالمية الثانية ، وذلك بعد صعود الحزب الاشتراكي النازي وهيمنة ألمانيا على القارة الأوروبية .

الحرب على الإرهاب

نتج عن الهجمة الإرهابية على مركز التجارة العالمي في سبتمبر عام 2001 ، توجه الرئيس الأمريكي جورج بوش لمحاربة الإرهاب التي بدأت بغزو العراق ولم تزل مستمرة .