العمل في بيئة مدارس المتفوقين من المؤكد يختلف بشكل كبير عن العمل في المدارس الأخرى ، حيث أن المدرس في المدارس العادية يتعامل مع مختلف المستويات الفكرية للطلاب سواء المتميزين والمتفوقين أو ذو المستوى والتحصيل الدراسي المنخفض أو المتوسط ، في حين أن العمل في مدارس المتفوقين ؛ يتم به التعامل مع نموذج فكري وعقلي متقارب بين الطلاب ، ولذلك ؛ فإن الكثير من المدرسين يُحبذون العمل في مدارس المتفوقين .

مدارس المتفوقين

تعتبر مدارس المتفوقين أحد اتجاهات وزارة التعليم بالدولة التي تسعى من خلالها إلى جمع الطلبة والطالبات ذو المستوى الدراسي المتقدم  ، ومن ثم يتم تدريبهم على برامج تعليمية وتدريبية أعلى مستوى من المدارس الأخرى ؛ من أجل إعداد جيل من الخريجين المتميزين والمتفوقين في شتى المجالات العلمية والعملية أيضًا ولا سيما أن مدارس المتفوقين أو كما تُعرف باسم مدارس ستيم STEM تعتمد على مجموعة من المجالات والتخصصات العلمية الهامة والتي لا غنى عنها من أجل التنمية والتطور الفكري والمجتمعي والعملي وهي : العلوم ، الرياضيات ، الهندسة ، والتكنولوجيا الحديثة وخصوصًا التكنولوجية الرقمية .

شروط الالتحاق بمدارس المتفوقين

كما يوجد مجموعة من الشروط التي لا بُد من استيفائها جيدًا من أجل القبول في مدارس المتفوقين ستيم ، وهي :

-يجب أن لا يتجاوز سن الطالب أكثر من ثمانية عشر عامًا .

-كما يجب الحصول على مجموع لا يقل عن 98 بالمائة ، مع شرط الحصول على الدرجة النهائية في مادة الرياضيات أو العلوم أو اللغة الإنجليزية عند الرغبة في الالتحاق بمدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا.

-أما عند الرغبة في الالتحاق بمدارس المتفوقين فقط ؛ فهنا يجب الحصول على مجموعة يُعادل 95 بالمائة والحصول على الدرجة النهائية من مادتين من المواد التالية ( العلوم ، اللغة الإنجليزية ، الرياضيات ) .

-أما عند عدم القدرة على الحصول على الدرجات والمجموع المطلوب ؛ فيجب أن يحصل الطالب على براءة اختراع وأن يكون لديه شهادة موثقة بذلك .

مميزات العمل في مدارس المتفوقين

العمل في مدارس المتفوقين يختلف بشكل كبير عن العمل في المدارس الأخرى ؛ حيث أن أهداف المعلم في هذه المدارس يكون مختلفًا كثيرًا عن هدفه في المدارس الأخرى ؛ ففي المدارس العادية يكون الشغل الشاغل للمعلم هو رفع درجة التحصيل الدراسي للطلاب فحسب ، أما في مدارس المتفوقين ؛ فإن الأمر مختلف ، وتكون أهداف المعلم مرتكزة بشكل أساسي على النقاط التالية :

الإعداد النفسي للطالب

المعلم هنا يلعب أكثر من دور ، ومن أهمها دور المربي النفسي ؛ حيث أن هذه المدارس تهدف بشكل كبير إلى تنمية الجانب النفسي لدى الطالب وتوطينه على الوجود دائمًا في بيئة العمل والاتصال مع العالم الخارجي حتى يكون متزن نفسيًا وقادرًا على مواجهة أي صعوبات تواجهه بعد ذلك في حياته أو في مسيرة عمله .

تنمية الجانب الفكري والإبداعي

كما أن المعلم في مدارس المتفوقين لن يكون هدفه هو رفع درجة المعرفة العلمية والتحصيل الدراسي لدى الفائقين والفائقات فقط ؛ وإنما سوف يكون هدفه أيضًا هو تنمية روح الفكر والإبداع لدى الطالب ، ومساعدته على أن يُطلق العنان لخياله وأفكاره والتي يُمكن ترجمتها بعض ذلك إلى اكتشافات واختراعات فريدة تخدم البشرية بأكملها .

التدريب على العمل

لقد ظلت المدارس التقليدية تُغذي الطالب بعدد ضخم من المعلومات في مختلف العلوم ، وعندما يتخرج الطالب يجد أن كل ما درسه بعيد كل البعد عن بيئة العمل ، وهذا الخلل ؛ تمكنت مدارس المتفوقين من التغلب عليه من خلال إعداد الطالب وتدريبه جيدًا على التعامل مع بيئة العمل وتقديم نوع العلم والمعرفة التطبيقي المرتبط باحتياجات سوق العمل ، وهنا يكمن دور المعلم في تدريب الطلبة والطالبات على كيفية التعامل بشكل صحيح مع بيئة العمل ، وبالتالي فإن الفائدة هنا لا تنطوي على تنمية الإدراك المعرفي فحسب ؛ وإنما تنطوي أيضًا على تنمية الإدراك الكامل ببيئة العمل ومتطلباتها .

تنمية المهارات المختلفة

كما أن المعلم في مدارس المتفوقين يكون مهتمًا بتنمية المهارات المختلفة لدى الطلاب ، وليس المقصود هنا مهارات التعليم فقط ؛ وإنما يشمل ذلك مهارات التعامل مع المجتمع وبيئة العمل والتعامل مع كبار السن وصغار السن وتنمية جانب الإنتماء والحس المجتمعي لدى الطلاب أيضًا .

وبالتالي ؛ فإن مهمة المدرس الذي يعمل في مدارس المتفوقين متفرعة ولها أكثر من وجه لأن تلك المدارس تهدف دائمًا وأبدًا إلى تنمية الطالب بشكل متكامل وليس تنمية جانب واحد فقط وإهمال باقي جوانب الشخصية والمهارات النافعة له .

الحصول على راتب أعلى

أما فيما يخص الفائدة العائدة على المدرس ؛ فإنه إلى جانب الحصول على الخبرة في التعامل مع الطلاب بشكل يُساعدهم على تنمية كافة المهارات وجوانب الشخصية إلى جانب أن الراتب الذي يحصل عليه المعلم في هذه المدارس يكون بالطبع أكبر من المدارس العادية .

عيوب العمل بمدارس المتفوقين

ومن جهة أخرى ؛ فإن البعض يرى بعض مساوئ العمل في مدارس المتفوقين على النحو التالي :

-العمل في هذه المدارس يتطلب من المعلم أن يكون يقظًا دائمًا ومتابعًا لكل طالب بشكل كامل ودقيق بغض النظر عن ظروفه الخاصة أو أي عوارض حياة تعترض طريقه ، وهذا يراه البعض مجهود كبير جدًا لا يُمكن لجميع المدرسين القيام به .

-كما يرى بعض المعلمين أن الأنظمة المتبعة داخل هذه المدارس تضع كل من الطالب والمعلم تحت ضغط نفسي رهيب جدًا ، وهو ما قد يؤثر بشكل سلبي على تفوق الطالب ومعدل أداء وإنتاجية المدرس أيضًا داخل الفصل .

-ومن جهة أخرى ؛ فإن بعض المعلمين يرون أن العمل في مدارس المتفوقين يُصيبهم بالإحباط ؛ نتيجة أن نسبة النجاح في هذه المدارس تكون منخفضة جدًا ، ومن الأمثلة على ذلك ؛ أن نسبة الطلاب الناجحين في مدارس المتفوقين العام الماضي قد بلغت فقط 56 بالمائة ، وقد رسب عدد كبير من الطلاب بلغ 44 بالمائة من عدد الطلاب .

-كما أن بعض المعلمين يرون أن مقاييس ومعايير القبول في مثل هذه المدارس ليست عادلة ؛ حيث أن بعض الطلبة والطالبات قد لا يتمكنوا من الحصول على الدرجات النهائية في حين أنهم ذو مستوى دراسي متقدم ، وبالتالي ؛ يتم تفويت الفرصة عليهم للالتحاق بهذه المدارس ، ولذلك ؛ لا بُد من وضع بعض الاختبارات والمعايير الأكثر إيجابية عند اختيار طلاب مدارس المتفوقين مثل اختبارات الذكاء واختبارات المهارات وغيرها من الاختبارات الأخرى التي تقيس كفاءة الطالب بحيادية وشفافية تامة .

وعلى الرغم من هذه العيوب التي ذكرها البعض حول مدارس المتفوقين ومدارس ستيم STEM ؛ إلا أن فكرة إنشاء هذه المدارس تُعد فكرة مميزة من شأنها أن تُساعد بالفعل على بناء أجيال مثقة وذو وعي وإدراك ودراية وقادرين على اقتحام سوق الوظائف والأعمال بل وريادة الأعمال بنجاح إذا ما تم تطبيق الأنظمة المتبعة داخل هذه المدارس بشكل صحيح وبالاعتماد على المتخصصين أيضًا من أجل أن تأتي بالثمار المرجوة من إنشائها .