إن التاريخ هو أكثر العلوم عرضة للتزييف، سواء كان بالزيادة أو النقصان، أو حتى التأليف لأحداث لم تحصل أبدا في يوم من الأيام، ورغم هذا هناك أحداث ثابتة ومعروفة، وموثوق في صحتها، حدثت في يوم وغيرت معها مجرى التاريخ، سواء كانت أحداث تسببت في وقوع حرب، أو أحداث جلبت معها السلام .

المعاهدات
المعاهدة في اتفاق يتم بين دولتين أو أكثر، ويتم التوقيع عليه، لحل المشاكل الواقعة بينهم، كالخلافات، والحروب، ويلتزم كلا الطرفين بشروط وبنود المعاهدة التي توضع في اجتماعات منظمة، ولا يستطيع أي من الطرفين نقضها، وإلا اشتعلت الحرب مرة أخرى .

أشهر المعاهدات التي أثرت في التاريخ
1- معاهدة فرساي
وقعت معاهدة فرساي عام 1919 م، وتم العمل بها ابتداء من يناير 1920 م، وتمت بين دول كثيرة كفرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وبريطانيا، والصين، واليابان، والبرازيل وغيرها، بهدف توقيع عقوبة على ألمانيا باعتبارها السبب في قيام الحرب العالمية الأولى، وذلك بتغريمها لتتحمل الخسائر التي حدثت للدول التي شاركت في الحرب .

وبالتالي أجبرت ألمانيا على التنازل عن العديد من المستعمرات الألمانية، وبعض مناطق حدودية في أراضيها، ووضعت قيود على الجيش الألماني، وذلك ألا يزيد عن 100 ألف جندي منهم 15 ألف جندي بحري فقط، وكذلك  تغريم ألمانيا تعويض مالي كبير، والذي تسبب في ولادة الحقد في قلوب الألمان تجاه العالم كله، وتأييد هتلر لإقامة الحرب العالمية الثانية .

2- اتفاقية سايكس بيكو
الخليج العربي وبغداد والبصرة، واتفقوا على وضع فلسطين تحت إدارة دولية تشمل كل من فرنسا وبريطانيا وروسيا، مع حق فرنسا وبريطانيا في استخدام موانئ عكا وحيفا بكامل حريتهم، وفي عام 1920 م، تم طرح اتفاقية سايكس بيكو مرة أخرى أمام مؤتمر سان ريمو المنعقد في إيطاليا، وتم تقسيم سوريا ولبنان والأردن وفلسطين إلى دول بعد أن كانوا دولة واحدة تسمى سوريا الكبرى .

وبموجب هذا التعديل وقعت سوريا تحت انتداب فرنسا، بينما العراق والأردن وفلسطين وقعوا تحت انتداب بريطانيا، وبموجب هذا الانتداب استغلت بريطانيا نفوذها ونفذت وعد بلفور الذي أعلن عام 1917 م، والذي مكن إسرائيل من الوجود فوق الأراضي الفلسطينية عام 1948 م، فكانت هذه المعاهدة من أكثر المعاهدات تغييرا لمجرى التاريخ، ويستمر تأثيرها حتى الآن بوجود الصراع العربي الإسرائيلي على أرض فلسطين .

3- معاهدة كامب ديفيد
تعتبر معاهدة كامب ديفيد أيضا من أكثر المعاهدات التي غيرت مجرى التاريخ، حيث كانت الحرب ناشئة بين القوات العربية (مصر وسوريا ) لصالح فلسطين، وبين إسرائيل بمساعدة أمريكا بالطبع، وسعت أمريكا للتوسط لوضع معاهدة للسلام مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وذلك بعد أن باغتت القوات الإسرائيلية يوم عيد الغفران الموافق السادس من أكتوبر عام 1973 م، واستطاع حينها الجيش المصري والسوري تدمير خط بارليف المنيع والضغط على أمريكا .

واشتد الحصار من الدول العربية على أمريكا، حيث رفضوا تصدير النفط لها، وأعلنت المملكة وبلدان الخليج وليبيا حظر تصدير النفط لأمريكا، مما خلق أزمة كبيرة عندهم، وبالتالي اضطرت إلى وقف الامدادات العسكرية وكان ذلك يوم 22 أكتوبر 1973 م، فتوقفت مصر عن الحرب، بينما استمرت سوريا لاسترجاع أراضيها كاملة، واستمرت وحدها تحارب لمدة 82 يوم آخرين حتى استردت أجزاء كبيرة من أراضيها المحتلة .

وفي عام 1978 م، وقع الرئيس محمد أنور السادات مع مناحم بيغن رئيس وزراء إسرائيل، اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، تهدف إلى وقف الحرب، وإقامة السلام بينهم، وتجبر إسرائيل على الانسجاب من كافة الأراضي التي احتلتها عام 1967 م، والانسحاب الكامل من سيناء، وإنشاء حكم ذاتي للدولة الفلسطينية .

4- معاهدة ديتون
وقعت هذه الاتفاقية بهدف وقف الحرب القائمة في البوسنة والهرسك، ووقعت عام 1955 م، بعد مفاوضات استمرت حوالي 20 يوم، في إحدى القواعد الجوية في مدينة دايتون بالولايات المتحدة، وقررت الاتفاقية تقسيم البوسنة والهرسك إلى دولتين منفصلتين هما الفيدرالية، وهي للمسلمين والكروات، وجمهورية الصرب للصرب فقط، مع حق المسلمين بثلثي المقاعد في البرلمان، واحتفاظ الصرب بثلث واحد، وذلك بعد أن دامت حرب بينهم استمرت ثلاثة أعوام .