الطبيعة البشرية هي شيء غير متبلور، ويمكن أن ينظر المتفائلون والمتشائمون إلى نفس التاريخ الإنساني ويقدمون تقييمات متناقضة تماما للروح الإنسانية، وسوف يشير المتفائل إلى أفعال نكران الذات وعروض تاريخية لإرادة جماعية نحو إحراز تقدم في إثبات أن الطبيعة البشرية “جيدة” أساسا، وسيقدم المتشائم حروبا مستمرة واستعبادا، ومجموعة من الأمراض الاجتماعية الأخرى التي تضج بالتاريخ الإنساني لبناء طبيعة إنسانية أكثر وحشية من الإنسانية، وكلاهما صحيح في تقييماتهم للحالة الإنسانية، ولكن أعمال العنف التي لا هوادة فيها هي التي تصدم المتفائل والمتشائم، ولا تمثل هذه الأعمال جنسا جيدا أو سيئا أو قليلا من كليهما، ولكنه عمل سادي تماما .

ابشع جرائم الحروب

برنامج القتل الرحيم  T4

في أغسطس 1939 تلقى مقدمو الرعاية الصحية في جميع أنحاء ألمانيا رسالة خطأ من وزارة داخلية الرايخ، ونصت المذكرة على أن جميع الأطباء والممرضات والقابلات يبلغون عن أطفال حديثي الولادة (دون سن الثالثة) الذين يبدو أنهم يعانون من إعاقات عقلية أو جسدية شديدة، وبعد شهرين في أكتوبر بدأ هؤلاء الخبراء الصحيون في اقتراح أن يرسل الآباء أطفالا معاقين إلى عيادات أطفال معينة في ألمانيا والنمسا للعلاج، وكان المصيد أن الأطفال الذين يتم إرسالهم إلى هذه العيادات لن تتم مساعدتهم سوف يقتلون، وأطلق على هذا البرنامج الذي بدأه أدولف هتلر والذي ضم في نهاية المطاف المجتمع الكلي للأمراض النفسية في ألمانيا اسم البرنامج T4، وهو يأتي من عنوان المؤسسة Tiergartenstrasse 4، وأنشأت T4 أساسا “لوحة الموت”، واتهمت بيروقراطية الأطباء بتحديد من لديه “حياة لا تستحق الحياة” ومن لم يفعل ذلك .

ولاتخاذ مثل هذا القرار قام مخططو T4 بتوزيع استطلاعات الرأي على مسؤولي الصحة العامة والمستشفيات والمؤسسات ودور المسنين، مع التركيز بشكل خاص على تحديد قدرة المريض على العمل، والتركيز النازي على الإنتاجية شكل الكثير من مبررات القتل الرحيم، وفي الواقع قالوا إن الأموال “الأفضل” يمكن استخدامها على أولئك الذين ليسوا مجانين أو يعانون من مرض عضال، وأن أولئك الذين عاشوا “حياة مرهقة” أو “أكلة عديمة الفائدة” كانوا صالحين للموت فقط، وهذا ما فعلوه حيث تم شحن المرضى إلى هذه “العيادات” حيث دخلوا “مرافق الاستحمام” التي كانت في الواقع غرف الغاز، وتم التخلص من الجثث في الأفران، ووضعت رمادهم في الجرار وأعيدوا إلى أسرهم جنبا إلى جنب مع رواية مزورة من وفاتهم، هذا البرنامج قتل 5000 طفل من الألمان المعاقين .

الوحدة 731

بين عامي 1937 و 1945 أجرى الجيش الإمبراطوري الياباني تجارب بشرية قاتلة في شمال شرق الصين في الغالب على السكان الصينيين والروس، وكانت المجموعة التي أجرت التجارب معروفة باسم الوحدة 731 وفي حين تضمنت في النهاية 3000 باحث إلا أنها بدأت برجل واحد الملازم أول إيشي شيرو، وكان شيرو يأمل أن يستخدم معرفته بالعلم للمساعدة في جعل اليابان قوة عالمية، وعندما اهتمت الحكومة بالأسلحة البيولوجية إثر حظر بروتوكول جنيف لعام 1925 على الحرب الجرثومية إلى جانب استحواذ اليابان على منشوريا، والتي صنعت لتزويد كبير من “موضوعات الاختبار”، و أسس شيرو متجرا وبدأ في إدارة علمه / الحرب الفتاكة الجرائم، وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الاختبارات أجريت رسميا “لتطوير علاجات جديدة للمشاكل الطبية التي واجهها الجيش الياباني” .

ومع ذلك على مر السنين قام الباحثون بفحص السجناء (بدون تخدير غالبًا)، والأمراض المحقونة مثل الزهري والجمرة الخبيثة والسيلان في الضحايا، والنساء المغتصبات لإجراء تجارب على أجنتهن، واستخدام السجناء كأهداف بشرية للقنابل اليدوية وحتى أحرق الناس أحياء، وخارج الوحدة قام الجيش الياباني بإلقاء البراغيث الحاملة للطاعون على القرى الصينية لدراسة مدى سرعة انتشار المرض، وكانت تسمى الموضوعات marutas أو سجلات وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، وخلال هذه الفترة الزمنية توفي ما يتراوح بين 3000 و 250،000 شخص في معسكر واحد، ولعل أكثر ما يزعجنا هو أن هذه الأنواع من التجارب لم تكن معزولة عن الوحدة 731 وأن العديد من الأطباء اعتبروا أن هذه الإجراءات روتينية .

معسكر سمتر

أودت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة بحياة أكثر من 620 ألف شخص وتركت وصمة عار دموية على تاريخ أمريكا، ومع ذلك لم يحاكم سوى رجل واحد متورط في جرائم حرب، وكان ذلك الرجل هنري ويرز قائد الاتحاد في أندرسونفيل معسكر سومتر في جورجيا، والذي كان يضم أسرى حرب في الاتحاد، وكانت الظروف في المخيم التي كانت تعاني من نقص مزمن مزرية للغاية، ومن المفترض أن يتم إيواء 10000 سجين في ذروته عام 1864، وكان 32000 أسير أسير مقيمين داخل جدرانه الضيقة ذات المرتبة تاركين للسجناء ستة أقدام مربعة فقط من “مساحة المعيشة”، وكان الطعام شحيحا والمواد اللازمة لإعداده أكثر ندرة مما ترك العديد من السجناء يتضورون جوعا .

وعلاوة على الجوع أدت ظروف الصرف الصحي البائسة في المخيم إلى شرب الرجال لمياه الخور الممتلئة بالبراز من الرجال المريضة، مما أدى إلى إغماءهم بالإسهال والدوسنتاريا، وإذا لم يقتل المرض السجناء فإن الأشخاص الموجودين داخل السجن سيفعلون ذلك، ونشأت عدة عصابات مثل أندرسونفيل رايدرز في معسكر السجن الذي تبلغ مساحته 16 فدانا، وسوف تهاجم (وتقتل) السجناء بسبب ما لديهم من ممتلكات صغيرة، وتلوح في الأفق فوق أرض المخيم، ويقوم الحراس المدربون بشكل سيء بإطلاق النار على السجناء بشكل عشوائي وبدون سبب، ومات ما يقرب من 900 سجين في المخيم كل شهر مع أكثر من 12000 شخص (ثلث إجمالي عدد سكان المخيم) يموتون بين 1861 و 1865 .

حروب الكونغو

يمكن العثور على كميات وفيرة من الماس والذهب والنحاس في الكونغو وكذلك الدم، وقرب نهاية القرن العشرين انحدرت الأمة إلى حرب أهلية دامت عقودا، وتاريخها المؤلم الذي شكله الجنود الأطفال وأكل لحوم البشر وخاصة الاغتصاب الجماعي، وكان استخدام الاغتصاب واسعا وروتينيا إلى درجة أن الأمم المتحدة قررت اعتبار الاغتصاب أداة وليس تأثيرا جانبيا للحرب، وفي الواقع وجدت دراسة أجريت عام 2011 من المجلة الأمريكية للصحة العامة أن ما يصل إلى 1.8 مليون امرأة في الكونغو قد تعرضن للاغتصاب، وبلغ متوسطها حوالي 48 امرأة في الساعة.