حضارة المقر هي إحدى الحضارات القديمة و التي تم إكتشافها حديثا ، حيث أثبت علماء الآثار أن عمرها يتعدى التسعة آلاف عام قبل الميلاد ، لما تم إكتشافه بها م بقايا آدمية و مجسمات حيوانية ، و تقع المنطقة التي إندثرت بها هذه الحضارة بين محافظتي تثليث و وادي الدواسر ، حيث تبتعد عن وادي الدواسر بحوالي مائة و عشرون كيلو متر بينما تبتعد عن مركز القيرة التابع لمحافظة تثليث بحوالي أربعون كيلو متر ، و تعتبر هذه الحضارة واحدة من أهم الإكتشافات الآثرية بالمملكة العربية السعودية ، حيث تبين من بقايا تلك الحضارة المندثرة تمركز الإنسان بها أثناء فترة العصر الحجري ، و كذلك التألقم للإنسان البدائي مع الطبيعة المحيطة به ، مما يوضح مدى التطور الذي وصل إليه الإنسان بهذه المرحلة .

الإكتشاف الأثري لحضارة المقر

عنيت العيئة العامة للسياحة و الآثار بإسنكشاف هذا الموقع و التنقيب به و ذلك في مارس من عام 2010 م ، حيث عثر الفريق المنوط بالإستكشاف على عدد من التماثيل التي تمثل الحيوانات التي ألفها الإنسان في هذه الحقبة الزمنية حيث إستخدمها في العديد من الخدمات الحياتية كالضأن و الماعز و الإبل و النعام و الكلاب السلوقية ، و الصقور ، و الخيل ، أما بالنسبة للأدوات المكتشفة فتشمل الأدوات الحجرية القديمة التي تعود إلى هذا العصر ، و رؤوس السهام ، و خناجر ، و مساحن صغيرة ، ومن أهم القطع التي تم إكتشافها هي تمثال يتكون من رأس و لجام و كتف و ملامح الخيل حيث تتميز هذه القطعة عن غيرها بوزنها و حجمها حيث يزيد وزنها عن 135 كجم .

نتائج التحليلات و الدراسات التي تمت على القطع الأثرية بالموقع

أكدت كافة الدراسات البحثية الأثرية التي قام بها علماء الآثار على أن هذه الحضارة تعود إلى الحقبة الزمنية للعصر الحجري الحديث حيث أن الدلائل تشير أن هذه الحقبة الزمنية هي أخر فترة عاش بها الإنسان بهذا الموقع و من ثم بدأت في الإندثار ، و تم إستنتاج ذلك من عمر القطع التي تم العثور عليها بالقرب من السطح ، و للتأكد من تاريخ هذا الموقع تم أخذ عينات عضوية محروقة للتحليل ، حيث تم إرسالها للمعامل الأميريكية المختصة بتحليل الكربون العضوي للتأكد من سلامة النتائج البحثية لهذه الرحلة الإستكشافية الهامة ، حيث جاءت النتائج المعملية تؤكد عودة هذه العينات إلى الألف التاسع قبل الميلاد بناء على تحليل ( C4 ) و هي تقنية حديثة تعتمد على قياس نسبة تقلص الكربون المشع في المادة العضوية خلال الزمن ، و من الجدير بالذكر أن وجود تماثيل ضخمة للخيول يعد إكتشافا أثريا في غاية الأهمية على مستوى العالم حيث أن الأبحاث و الدراسات الأثرية الأخيرة حول إستئناس الإنسان للخيرة تفيد بأن أول مرة كانت في أواسط آسيا و تحديدا ( كازاخستان ) و ذلك منذ حوالى خمسة آلاف و خمسمائة عام قبل الميلاد ، حيث أوضح هذا الإكتشاف أسبقية إستئناس الإنسان للخيل يالأراضى السعودية قبل هذا التاريخ بزمن طويل .

النتائج المسجلة بتقارير البعثة الأثرية بالموقع

من جانبه قام الفريق العلمي البحثي التابع للهيئة العامة للسياحة و الآثار بتسجيل بعض الإستنتاجات و الحقائق عقب المهمة الإستكشافية التي قام بها في هذا الموقع و هي : –

– تأكيد حياة الإنسان بهذا الموقع قبل عصر التصحر الأخير ، و ذلك خلال الفترات التحولية للمناخ و التي إنتهت بإنتشار التصحر بالمنطقة .

– مارس الإنسان عدة نشاطات بهذه المنطقة أهمها الزراعة و تربية الحيوانات .

– وجود مواقع أخرى قريبة من هذا الموقع بها مؤشرات توحى بتبعيتها لهذا الموقع مما يدل على إنتشار رقعة حضارة المقر .

– يوجد على بعد من هذا الموقع طريق رئيسي يربط بين جنوب غرب الجزيرة العربية و أوسطها و الذي أصبح فيما بعد طريق التجارة و القوافل الرئيسي الذي يربط بين نجران و الفاو .

– هذا الموقع يعبر عن حضارة لمجموعات بشرية مستقرة تم تسميتها بحضارة المقر نسبة إلى إسم الموقع الحالي .

– يقارب طول أحد تماثيل الخيل التي وجدت بالموقع 100 سم وهو يمثل الرقبة والصدر، ولم يعثر من قبل على تماثيل حيوانات بهذا الحجم في أي موقع آخر في العالم من هذه الفترة نفسها، وما عثر عليه في تركيا والأردن وسوريا لا يعدو أن يكون تماثيل صغيرة الحجم ومن فترة متأخرة عن هذا التاريخ وليست للخيل  .

– صنعت هذا التماثيل من نوع الصخر المتوفر بالموقع، والذي يرى في أماكن عدة بالمكان في الوقت الحاضر، ويبدو أن هذه التماثيل كانت مثبتة في بناء يتوسط الموقع على الضفة الجنوبية للنهر قبل مصبه في الشلال، وربما كان لهذا البناء دور رئيس في الحياة الاجتماعية لسكان الموقع .

– يوجد بالموقع حصن كبيرة الحجم مبني بالحجارة فوق تكوين جبلي يشرف على الموقع من جهة الشرق، وعلى الأراضي المنخفضة التي يصب فيها الشلال من جهة الغرب، وتوجد بداخل هذا الحصن حجرات مربعة ووحدات بنائية متعددة .

– عثر بالموقع على قطعة من الحجر عليها حزوز صغيرة على أطرافها منفذة في مجموعات أشبه ما تكون بسجل حسابي أو نظام للعد أو التوقيت  .