مدينة المخا التاريخية، تقع على بعد 98 كم إلى الغرب من مدينة تعز. وهي أحد الموانئ اليمنية التي تقع على البحر الأحمر ومركز لمديرية المخا في محافظة الحديدة.

يعتقد الباحثون في العصر الحديث بأن مدينة المخا بنيت في العصر الإسلامي، غير أن بعض المصادر التاريخية والنقوش الكتابية التي كُتبت بالخط المسند في عصر ما قبل الإسلام تقول بأن المخـا من المدن اليمنية القديمة التي شيدت واشتهرت في عصور ما قبل الإسلام، حيث كانت من الموانئ والأسواق اليمنية القديمة.

ويرجـع أقدم ذكر ووصف لمدينة المخا في المصادر الكلاسيكية إلى بداية النصف الثاني من القرن الأول الميلادي (سنة 75م تقريباً) في كتاب الطواف حول البحر الإريتري لمؤلف يوناني مجهول، حيث قدم لنا وصفاً دقيقاً لهذه المدينة، التي كانت كما يَذكر سوقاً هاماً تصل إليه البضائع من بلدان مختلفة بكميات هائلة منها أنواع عديدة من الأقمشة الأرجوانية الناعمة والخشنة وأنواع مختلفة من الملابس الملونة، وزخرت متاجر مدينة المخا بالأزياء التقليدية اليمنية التي صنعت محلياً في المخا وفي غيرها من المناطق اليمنية.

عصور الازدهار
ازدهرت مدينة المخا وصارت من المدن اليمنية الهامة في العصر الإسلامي، ففي القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي كانت مدينة المخا من المدن التي تتبع زبيد، وكانت مدينة عامرة بالسكان مشهورة بصناعة (السليط) الزيوت النباتية، وتطورت تطوراً عمرانياً كبيراً بين القرنين العاشر والثاني عشر الهجريين/السادس عشر والثامن عشر الميلاديين بفضل تجارة وتصدير البن منها حتى صارت من أشهر الموانئ في العالم ومن أهم المراكز التجارية الواقعة على البحر الأحمر، ونظراً للجودة العالية التي تميز بها البن اليمني الذي كان يصدر من المخا فقد عُرف ومازال يعرف باسمها (موكا) في كل بلدان العالم حتى اليوم.

زار مدينة وميناء المخا فان دن بروكه في صيف /1616م، وهو أحد رؤساء البعثات التجارية الهولندية، وقد ذكر بروكه بأن ميناء المخا يعتبر أشهر المراكز التجارية على البحر الأحمر كما أنه ميناء كبير المساحة مفتوح من جميع الجوانب غير محاط بسور.

يتميز هذا الميناء التاريخي الهام بجمال عمائره السكنية وهي عبارة عن عشرات البيوت الجميلة التي بنيت من الحجر المشذب الأزرق والأبيض، كانت معظم المنازل في مدينة المخا مبنية من الآجر الأحمر وبقية البيوت بنيت من القصب والطين وسقوفها من الأخشاب تغطيها طبقة من الطين، ويوجد في المدينة مسجدان وقلعة بنيت من الحجر الأزرق المنحوت شيدت شمال المدينة من جهة البحر بهدف حماية مرسى السفن، وكانت قلعة المخا مزودة بمدافع معدنية ذات قنابل حديدية.

ويشير هذا الوصف بأن المدينة تحسنت أحوالها منذ بداية السيطرة العثمانية عليها ، وقد تطورت المدينة وازدهرت منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي وبداية عمليات تصدير البن من هذا الميناء الذي أصبح فيما بعد من أشهر الموانئ في العالم.

موكا كافيه
اكتسب ميناء المخا شهرته العالمية التي نًسبت اليه أفخر وأجود أنواع القهوة المعروفة بقهوة المخا ( موكا كافيه) ويعتبر اول ميناء شحنت عبره السفن التجارية التي كانت تصدر البن الى أوروبا وباقي انحاء العالم، وتعتبر اليمن من اوائل الدول التي زرعت البن وصدَّرته الى العالم، ويُذكر ان البرتغاليين الذين غزوا الساحل الغربي من اليمن كانوا هم اول من تذوق القهوة اليمنية من الاوروبيين عندما استضافهم شيخ المخا وقدم لهم مشروب أسود ينعش الجسم ويريح البال ، وقد كانت اول صفقة تجارية للبن اليمني في المخا التي اشتراها الهولنديين في عام 1628 م و استمروا في استيراده الى مراكزهم التجارية في شمال غربي الهند و بلاد فارس ومن ثم الى هولندا التي بدأت تبيع البن اليمني لأول مرة في عام 1661م.

نجحت وازدهرت تجارة البن عالميا بعد اكتشاف جودته العالية وازدادت قوة المنافسة عليه من قبل الشركات الهولندية و الفرنسة والبريطانية في القرن السابع و الثامن عشر، بعد أن قام الهولنديون بإنشاء معمل للبن لهم في مدينة المخا في عام 1708 م، ثم أنشاء الفرنسيون ايضا معملا اخر في مدينة المخا، لذا شهد ميناء المخا خلال تلك الفترة نشاطا اقتصاديا بفعل الحركة التجارية بينه و بين الهند و مصر و الجزيرة العربية مثل السويس و بور سودان واسطنبول و اوديسا في روسيا.

المواقع التاريخية والأثرية
وتزخر المخا بالعديد من المواقع الاثرية التاريخية و السياحية, التي لعبت دورا هاما في الحركة التجارية المحلية والعالمية، ومن المواقع الأثرية:

مدينة المَخا القديمة

تعتبر مدينة المَخا القديمة إحدى المدن التاريخية الهامة، وكانت تحتوى على العديد من المواقع الأثرية حيث أتى على ذكرها الرحالة (نيبور) في يومياته التي سجلها عند زيارته للمدينة ما بين عامي (1762 – 1763 ميلادية) بقوله: (أن المَخا مدينة مأهولة بالسكان ومسورة، بالإضافة إلى السور توجد أبراج للحراسة على طريق مَوْزع منتشرة بين المدينة وبير البليلي، وعلى البحر تطل قلعتان مزودتان بمدافع، وهما قلعة طيار، وقلعة عبد الرب بن الشيخ الشاذلي ، وبعض البيوت داخل سور المدينة مبنية بالحجارة بطريقة جميلة مشابهة لطريقة بناء بيوت بير العزب في العاصمة صنعاء.

أمَّا أكثر البيوت سواءً داخل السور أو خارجه فإنها فأنها عن أكواخ مخروطية من العشش المبنية بالقش، وفي خارج المدينة تنتشر أشجار النخيل بكثرة وبين هذه الأشجار توجد حدائق جميلة وكان يضم سور المدينة خمسة أبواب هي : باب العمودي، باب الشاذلي، باب فجير، باب صندل، باب الساحل.

ميناء المخاء القديم

ويعد الميناء القديم واحدا من الآثار ويقع على الساحل الغربي من مدينة المَخا، ولم يتبق من معالمه سوى بقايا أساسات من الحجارة مطمورة بالرمل، وتمتد على مسافة حوالي (30 – 50 متراً) إلى البحر.

كما يعتبر جامع الشيخ ” الشاذلي أهم المعالم الأثرية في مدينة المَخا، وينسب إلى الشيخ أبو الحسن ” علي بن عمر بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد دعسين القرشي الصوفي الشاذلي.

شواطئ المخا

وتضم المخاء مناطق قديمة وشواطئ قديمة مثل قرية يختل والتي تحتوي عدداً من المساجد التاريخية القديمة وتحيط بها أشجار النخيل الباسقة بكثافة . كذلك قرية الرويس: تبعد عن الشاطئ (كيلومتراً واحداً) تظللها أشجار النخيل الباسقة والأشجار المتشابكة .

ومن الشواطئ الجميلة لمدينة المخاء شاطئ الزهاري: شاطئ سياحي جميل ونقي، والكديحة وهو مصب وادي زراعي غني بالفواكه والخضروات المتنوعة، وشاطئ سياحي جميل ونقي، ووادي المُلك وهو من أجمل الشواطئ السياحية الساحرة بجمالها ونقاء وصفاء مياهها، وجمال رمال شواطئها.