القرآن الكريم هو كتاب سماوي من عند الله عز وجل ، وهو كلام الله سبحانه وتعالى الذي بدأ منه ويعود إليه ، حيث تكلم به الله تعالى حقيقة بحرف وصوت ، أي أن كلمات القرآن الكريم لفظا ومعنى من عند الله ، ولقد سمعه جبريل عليه السلام ، ثم بلغ به الرسول صلى الله عليه وسلم على فترات متقاربة في بعض الأحيان ، وفي بعض الأحيان الأخرى متباعدة .

والقرآن الكريم هو معجزة الله الخالدة الباقية إلى يوم الدين ، حيث وعد الله عز وجل بحفظ آيات القرآن الكريم من العبث والتحريف ، تجنبا لما حصل مع الكتب السماوية التي سبقت القرآن الكريم .

والقرآن الكريم ليس فقط معجزة لغوية بحد ذاته تحدى الله بها العرب ، بل هو إعجاز في اللغة والعلوم والثقافة والآداب والسلوك والتعامل ، وهذا ما أثبتته دراسات وأبحاث عديدة في مختلف المجالات ، ولقد نزل القرآن الكريم باللغة العربية الفصحى كما كان ينطق أهل قريش .

الفرق بين الجراد والفراش في القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم : قال تعالى (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) سورة القارعة الآية 3

وقال تعالى (يوم يدع الداعي إلى شيء نكر *خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر) سورة القمر

لماذا عبر الله بالجراد المنتشر مرة ، ومرة أخرى بالفراش المبثوث وما الفرق بينهما

لقد شبههم بالآية الأولى بالفراش المبثوث وفي الثانية بالجراد المنتشر ، فما وجه الاختلاف بينهما ؟

أما وجه تشبيه الناس بالفراش المتفرق هو في الكثرة والانتشار، والمجيء والذهاب على غير نظام ، وكثرة الاكتظاظ على أرض المحشر ؛ و الحيرة والاضطراب من هول ذلك اليوم لأن الفراش إذا ثار، لم يتجه لجهة واحدة؛ بل كل واحدة منها تذهب إلى غير جهة الأخرى كقوله تعالى : ( وتركنا بعضهم يموج في بعض) .

و أما وجه تشبيههم بالجراد فقيل : الكثرة ، والتتابع ووحدة الاتجاه . وهذا يشاهد في أسراب الجراد فهي تتشابه مع الفراش في الكثرة لكن تختلف في أن أسراب الجراد تتجه لاتجاه واحد جميعها بينما الفراش المبثوث فيه الاضطراب والحيرة وعدم الانتظام .

 متى يكونون جراد ومتى يكونون فراش ؟

أما في أول بعثتهم فيكونون للهول والرعب الذي يكونون فيه كالفراش المبثوث في حيرته واضطرابه قال الحق سبحانه : { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } فهو يتساءل من شدة حيرته وذهوله.

ماذا يحدث عندما يسمعون الداعي ؟

قال الله عز وجل في سورة القمر : (( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ ، خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ، مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ))

فتشبيهم بالجراد المنتشر في سورة القمر بعد سماعهم للداعي ( قيل انه اسرافيل ) أي يتجهون جميعهم الأولون والآخرون إليه  ،  فيزداد رعب الكافر كما قص الله علينا في سورة إبراهيم :” ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء. “.

أي تبقى أبصارهم مفتوحة مبهوتة ، لا تتحرك الأجفان من الفزع والهلع، ولا تطرف العين من هول ما ترى، ” مهطعين مقنعي رؤوسهم  ، لا يرتد إليهم طرفهم ، وأفئدتهم هواء” أي مسرعين لا يلتفتون إلى شيء ممن حولهم ، وقد رفعوا رؤوسهم في ذل وخشوع لا يطرفون بأعينهم من الخوف والجزع وقلوبهم خاوية خالية من كل خاطر من هول الموقف.

ما أعظم بلاغة القرآن وما أروع تصويره للمواقف حتى كأنك ترى المشهد ماثلاً أمامك.