عادة ما نشير إلى الشخص الذي يصطنع الحزن و البكاء إلى أن دموعه مثل دموع التماسيح ، فإن دموع التماسيح مصطلح يتم إطلاقه على العيون التي تدعي الحزن الكاذب ، و يعود ذلك المصطلح إلى قرون عديدة بعدما لاحظ الكثيرون أن التماسيح تذرف الدموع بعد قتلها لفريستها و تناولها ، و في هذا المقال سوف نوضح حقيقة تلك الدموع الزائفة.

دموع التماسيح:
بدأ الاهتمام بظاهرة دموع التماسيح منذ عقود بعيد و حتى عصرنا الحالي ؛ يسعى علماء الحيوانات و الباحثين في هذا المجال إلى معرفة حقيقة هذه الدموع و كيف تذرفها تلك الحيوانات المفترسة؟ ، و هل حقًا هي تبكي على قتلها للبشر أم هو مجرد تغيير فسيولوجيًا لها؟ ، هذه الأسئلة و غيرها كانت تدور في أذهان العلماء ، و قد جرت العديد من الأبحاث و الدراسات حول هذا الأمر.

حتى أن العلماء حاولوا فرك عيون التماسيح بالملح أو البصل خلال الأوقات التي لم تكن التماسيح جائعة فيه ؛ لكن دون جدوى فلم تذرف التماسيح أي دموع ، كما أشار بعض الباحثين إلى أن تلك التماسيح قد تبدو و كأنها تذرف الدموع نظرًا لكونها رطبة في أغلب الأوقات ، كما أشار بعض الباحثين إلى أن التماسيح قد تدمع فقط إذا تناولت البشر ؛ و لم يكن في استطاعت الباحثين أن يتأكدوا من تلك النظرية لأنهم لا يستطيعون أن يجلوها تأكل أحدًا منهم.

دراسات لمعرفة حقيقة دموع التماسيح:
قام الباحث كين فليت من جامعة فلوريدا بعمل بعض الدراسات حول حياة التماسيح و ظاهرة دموع التماسيح ، و ذلك خلال عامي 2006م و 2007م ، و قد تم اكتشاف أن أغلب التماسيح تقوم بإصدار صوتًا من النحيب و البكاء عند التهام فريستها ، و لكن ذلك البكاء و النحيب يعود لأسباب فسيولوجية و ليس لأنها تشعر بالندم على قتلها لفريستها ، حيث قام الباحث كين فليت بتسجيل شريط فيديو لعدد من التماسيح التي تعيش في المناطق الاستوائية بأمريكا ، و ذلك خلال قيامهم بعملية الصيد و تناولهم فريستهم.

و أثناء قيام الباحثون بمراجعة أشرطة الفيديو وُجد أن أغلب تلك التماسيح ذرفت بعضًا من الدموع أثناء تناولهم الطعام ، و بعد مقارنة هذه الظاهرة بظاهرة أخرى نادرًا ما قد تحدث للبشر أثناء تناولهم الطعام ، و هي حدوث شلل في عضلات الوجه مما يؤدي إلى بكاء الشخص أثناء تناوله الطعام ، و من هنا بدأ الربط بين تلك الظاهرة النادرة عند البشر و بين ظاهرة بكاء التماسيح أنفسهم ، خاصة و أن بعد إجراء العديد من الدراسات على التماسيح فقد وُجد أن دموعها تتشابه كثيرًا مع دموع البشر ، كما أن هناك مقولة مشهورة تقول أن “التمساح سينقض على الرجل إذا رآه على حافة النهر أو في الماء ليلتهمه ، و لكنه سيبكي عليه أثناء فعله ذلك”.

و في نهاية تم التأكيد من قبل الكثير من الباحثين و العلماء على أن دموع التماسيح أثناء تناولهم فريستهم ليست ناتجة عن شعورها بالندم على الاطلاق ، بل يرجع سببها إلى أن أثناء تناول تلك المخلوقات لطعامها يدخل الهواء إلى جسمها من خلال الجيوب الأنفية و ذلك يسبب تهيج الغدد الدمعية ، مما يجعلها تذرف الدموع أثناء الطعام ، و ليس كما ظن البعض أنها تشعر بالحزن أو الندم ، كما أن التماسيح قد تكون مصابة بالشلل الذي نادرًا ما قد يحدث للإنسان و يجعله يبكي أثناء تناوله الطعام.