تتعدد علوم النفس البشرية وتختلف لتبرز أكثر عدد ممكن من جوانبها البشرية الواضحة والغامضة وسبل توطيد أو دعم أو معالجة أي خلل او ضعف أو قصور، ومن ضمن تلك العلوم نجد ما يسمى بعلم تحليل السلوك التطبيقي، وهو علم أخذ في الانتشار خاصة في القرن العشرين وأظهر نتائج جيدة في التعرف على دوافع السلوك الإنساني وكيفية حساب وتقييم مقاديرها وآلية التعامل معها وتوجيهها للوجهة الصحيحة.

تعريف تحليل السلوك التطبيقي
هو علم يرمز له اختصارًا بالرمز (ABA)، ويعتبر تحليل السلوك التطبيقي عملية منهجية تتم على النفس البشرية في محاولة لدراسة السلوك البشري، وتلك العملية تستند غالبًا على مبادئ نظرية التعلم من أجل تحسين السلوكيات الهامة اجتماعيا والوصول بها إلى درجة ذات معنى، وبالفعل بمرور الوقت في اتباع تلك العملية لتحليل السلوك ثبت أنها مؤهلة بالفعل لتحسين السلوك الإنساني والارتقاء به بشكل أو بآخر.

خصائص تحليل السلوك التطبيقي
1- أسلوب تطبيقي بعيد المدى: يتميز تحليل السلوك التطبيقي بأنه يركز على السمات والتصرفات التي تتميز بأن لها أهمية اجتماعية كبيرة، ولذا فإن تحليل السلوك التطبيقي لا يكتفي فقط بالتعرف على السلوك البشري وتقييمه بشكل آني بسيط، لكنه يسعى ويأخذ في الإعتبار أن  هدفه الأساسي هو تغيير ومعالجة أي خلل على المدى الطويل؛ والسبب في هذا أن التصرف والسلوك البشري إذا ما لم يكن صالحًا فإنه سوف يتسبب في أذى لصاحبه والمحيطين به وهكذا نجد ان المجتمع بأكمله قد تضرر لمجرد إهمال سلوك الفرد.

2- عملية سلوكية بالدرجة الأولى: إن عملية تحليل السلوك التطبيقي يجب أن تكون سلوكية بالدرجة الأولى، وهذا يعني أن الباحث أو القائم بعملية التحليل لا يجب أبدًا أن يتأثر بأي أمور جانبية تتعلق بجوانب وتوابع السلوك من حيث الأضرار أو العقبات التي تسبب فيها، أو حتى كينونة الشخص ومن هو ومن عائلة من ومدى القرابة والحب أو البعد والنفور والبغض بينه وبين الحالة، لكن يجب أن يبقى هدفه في المقام الأول منصبًا على السلوك نفسه وتقييم تردداته ووضع خطة لعلاجه.

3- عملية تحليلية: يجب أن يكون تحليل السلوك التطبيقي تحليليًا في الاساس.. أي لا يتم بناءه على توقعات ولا على نظرات تفحصية عابرة، لكن تحليل السلوك التطبيقي يتم عبر تحليل ومقارنة بين السلوك في وقت ما وفي وقت آخر، وبين سلوك الفرد الواحد وغيره من الأفراد في نفس عمره، ومن ثم محاولة التعرف على الفروق وأسباب تلك الفروق، وفي الغالب تكون من البيئة الأسرية نفسها وكيفية تعامل الأبوين مع ابنهما وما إلى ذلك من عوامل تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في السلوك الإنساني.

4- عملية منهجية: تحليل السلوك التطبيقي لا يُبْنَى على الرؤى الشخصية للباحث أو المعالج، ولكنه يتم وفق معايير وضوابط وبنود واضحة معلومة، كما يجب التأكد من مطابقة كل الاجراءات والمبادئ مشتقة من أي نتائج أو فحوصات مع تلك المعايير والضوابط.

5- عملية فعالة: التحليل التطبيقي للسلوك يجب أن يؤدي في النهاية لنتائج واضحة جلية تغير من سلوك الحالة نحو الأفضل، وإلا لَمَا استحقت أن يُطْلَق عليها اسم التحليل السلوكي التطبيقي، وهذا يعني أن النتائج النظرية وإن كانت هامة بكل تأكيد إلا أن الأهمية العملية تبقى هي الأساس الذي لا غنى عنه والذي على أساسه يتحدد مدى نجاح تقييم نجاح عملية التحليل أو فشلها.

في النهاية يجب الإشارة إلى أن للأسرة دور كبير في تحليل سلوك ذويهم وأطفالهم من الوهلة الأولى والعمل على الارتقاء بهم وبتصرفاتهم ومراقبة أي خلل أو عنف قد يبدو على علاقاتهم بأخواتهم أو حتى مع أنفسهم.