هناك أكثر من طريقة تكون الوسيلة في إدراك الإنسان كل ما هو جديد، و التي تساعد في عملية معرفة الإنسان، و هناك نوعين من التفكير كل منهما، يعتبر من أبرز أنواع التفكير الفلسفي، و الذي كان عليهما خلاف كبير طوال الوقت، و هما التفكير العقلاني و التفكير التجريبي، فيرى البعض أن التفكير التجريبي هو الوسيلة الأساسية في عملية المعرفة، و البعض الآخر يرى أن التفكير العقلاني هو الوسيلة الأساسية في ذلك .

التفكير و المعرفة العقلانية
في الفلسفة و المذاهب الفلسفية، نجد أنه هناك ما يسمى العقلانية، و العقلانية هي كل ما يفكر فيه الإنسان و يستنتجه بالمنطق، و الذي يكون الحكم و المعيار الرئيسي فيها هو تحكيم العقل، و هناك العديد من الناس الذين يستعملون العقلانية في عملية المعرفة، و في أثناء التعرف على أي معلومات جديدة.

فتكون هذه طريقتهم في التفكير و التعرف، و لا يلجأون لأي معيار من المعايير الحسية في الإدراك و المعرفة، و مؤيدين العقلانية بعضهم يتخذ منها الوسيلة الوحيدة لأي معرفة جديدة، و البعض الآخر قد يستعمل باقي الوسائل، و لكنه يعرف أن هذه هي أفضل طريقة للمعرفة و التفكير، ولا نجد أي مانع في أن يكون الإنسان يفكر بطريقة عقلانية، و بطريقة تجريبية في نفس الوقت.

و نجد أن من أبرز الفلاسفة الذين اتخذوا هذا الفكر في المعرفة، هما الفيلسوف سبينوزا و الفيلسوف ليبنتز، و يعتبر أكثر ما جعل كل منهما يقوم بتنمية العقلانية و التفكير العقلاني، هو المحاولة لكي يفهموا جميع المشاكل التي أثارها ديكارت، و رغم اتخاذ الفيلسوف ليبنتز التفكير العقلاني كطريقة للتفكير و المعرفة.

و لكنه يرى أن البشر بطبعهم يغلب عليهم التفكير التجريبي، أكثر من التفكير العقلاني في معظم المواقف، و من أشهر الفلاسفة الذين تحدثوا عن التفكير العقلاني هو سقراط الفيلسوف الشهير، و الذي كان يرى أن البشر بطبيعتهم يستخدمون التفكير العقلاني، في عملية فهم نفسهم، لأن كل إنسان يفهم نفسه أولاً و بعدها يبدأ في فهم العالم من حوله، و أن هذه العملية تتطلب التفكير العقلاني و تتطلب استخدامه، لكي يفهم الفرد نفسه، و بعدها يبدأ في فهم العالم .

التفكير و المعرفة التجريبية
هذا التفكير من أكثر طرق التفكير المعروفة في الفلسفة، و هو التفكير التجريبي، الذي يستخدم الحواس و الخبرة لدى الإنسان، في معرفة أي معلومات جديدة أو في التفكير، و هي من التوجهات الفلسفية الشهيرة، و أشهر ماهو موجود في التفكير التجريبي هو أنه لا يؤمن بوجود المعرفة السابقة، أو أن الأفكار الفطرية تدخل في عملية التفكير و المعرفة لدى الإنسان.

و من أبرز المصطلحات في التفكير و المذهب التجريبي، هو الامبريقية و التي تعني الخبرة و تعبر عنها، و يجد التجريبيين أن الخبرة مصدرها الرئيسي هو الحواس عند الإنسان، و أن المعرفة تعتمد على الحواس و الخبرة التي تأتي من خلال الحواس أيضاً، و نجد أن مفهوم  مصطلح التجريبية، قد اختلف معناه في وقتنا هذا.

فهو يعبر أيضاً عن القيام بالبحث و التجربة للوصول للمعرفة، و هذا التعبير عن التجريبية قد أيده الكثير من الشخصيات في المجال الفلسفي، منهم أرسطو و فرانسيس بيكون، و روجر بيكون، و توم الاكويني، و توماس هوبز، و أيضاً الاستعمال العلمي لمصطلح التجريبية، يدل على التجربة لمعرفة ما هو جديد .

نقطة الخلاف بين التفكير التجريبي و التفكير العقلاني
تعتبر نقطة الخلاف الرئيسية بين كل من التفكير التجريبي، و التفكير العقلاني هي أن التفكير التجريبي يؤيد أن عملية المعرفة، تعتمد على الحواس الإنسانية و الخبرة، أما أصحاب التفكير العقلاني فيرى كل منهم، أن الحواس ليست الطريقة الوحيدة للمعرفة، و أنه يوجد طريقة أفضل منها لإدراك الأمور بشكل أفضل، و هو الاعتماد على العقل و المنطق في المعرفة.

و يؤمن العقلانيون أن التجربة الحسية لا يمكنها معرفة كل شيء، و أن العقل و المنطق يمكن استخدامه لإدراك الكثير من الأشياء، التي لا يمكن إدراكها بالمعرفة التجريبية و التفكير التجريبي، أو الاعتماد على الحواس بشكل عام، بينما يرى مؤيدين المذهب التجريبي في المعرفة، أن المنطق و العقل ليس مصدر للمعرفة، و لا يؤدي للمعرفة الجيدة، بينما الحواس الإنسانية و الخبرة تعتبر طريقة و وسيلة جيدة، لمعرفة و إدراك كل ما هو جديد .