مكاتبات العمل بأنواعها تدل على كاتبها، ومع ذلك فإن كثيرين قد يتهاونون في ذلك. وقد أصبحت رسائل البريد الإلكتروني أكثر أنواع المراسلات انتشارا في العمل، وهذه الرسائل لها أسلوب يتشابه مع كتابة الخطابات والمذكرات، ولكنه له سمات خاصة. أحاول في هذه المقالة تلخيص عدد من الأمور والنصائح التي يجب مراعاتها عند إعداد رسالة البريد الإلكتروني email.

الفرق بين رسالة البريد الإلكتروني والخطاب أو المذكرة

الخطابات والمذكرات الداخلية ورسائل البريد الإلكتروني كلها تبدأ بالتحية وتختم بجملة ختامية، وكلها لها صفة الرسمية، وكلها يجب أن تكتب بأسلوب هادئ مهذب. ولكن البريد الإلكتروني يتصف بسرعة الوصول، وإمكانية إرسال الكثير من الرسائل سريعا، وإمكانية إرسال نفس الرسالة لعدد كبير من الناس، وإمكانية إرسال الرسالة بعد استلامها لعدد آخر من الناس، وكذلك إمكانية الرد على الرسالة سريعا مع بقاء نص الرسالة الأولى في الأسفل، وإمكانية استخدام الألون والأشكال، وإمكانية إرفاق ملفات. لذلك يجب علينا أن نعرف كيف نستخدم رسائل البريد الإلكتروني بشكل احترافي لأن ذلك يعطي انطباعا حسنا عنا. الرسائل التي ترسلها تحمل اسمك وتصل لشخص أو عدة أشخاص، وقد يرسلونها لغيرهم، وكل قارئ للرسالة يكون انطباعا عنك من رسالتك.

هل البريد الإلكتروني هو الوسيلة الأنسب

فكر قبل أن رتسل الرسالة إن كان البريد الإلكتروني هو الوسيلة المناسبة، فأحيانا تكون هي وسيلة رائعة، وأحيانا يكون الاتصال التليفوني أو المباشر من خلال الاجتماعات أفضل. من عيوب البريد الإلكتروني أن المستلم قد لا يقرأه بعناية أو لا يقرأه أصلا نظرا للأعداد الكبيرة التي تصله من خلال البريد الإلكتروني. ومن عيوبه أيضا صعوبة مناقشة موضوع خلافي. ومن مميزاته سرعة الإرسال ونقل المعلومات بسرعة والابتعاد عن إرسال مذكرات وعدم إزعاج الآخرين بالتليفونات. فكل وسيلة تواصل لها ما يميزها، وهذا لا يقلل من شان أي وسيلة ولكن عليك أن تستخدم الوسيلة المناسبة في كل موقف، وربما تجمع بين وسيلتين، فمثلا قد تتصل بشخص تليفونيا لتعطيه فكرة عن الرسالة التي سترسلها لان الموضوع شائكا ودق يساء فهمه ثم ترسل الرسالة، وقد تدعو لاجتماع في رسالة بريد إلكتروني.

الأسلوب:

يجب أن يتسم بالهدوء واللباقة. إن سرعة وسهولة إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني قد تجعلك ترسل رسالة غاضبة أو انفعالية وهو ما قد تندم عليه لاحقا. وتأكد أن المستقبل يمكنه الرد برسالة انفعالية كذلك. إن مستقبل الرسالة لا يراك وبالتالي فمجرد إبداء بعض الانفعال في الرسالة قد يفهمه هو على أنه غضب جامح، فالأمر مختلف عن الحديث وجها لوجه حيث يمكنه معرفة انطباعاتك من طريقة كلامك وحركات الجسد وتعبيرات الوجه، كما يمكنك التلطيف السريع بابتسامة أو إشارة بالرأس.

تجنب المزاح فإنه قد يُساء فهمه نظرا لنفس السبب وهو أن المستقبل لا يراك فقد يظن أنه استهزاء أو تهكم، وبصفة عامة فالمزاح لا يناسب رسائل العمل. فمثلا عندما تتحدث مع شخص وأنت تمازحه وتقول له: يمكنك اتخاذ هذا القرار عندما تصبح رئيسا المؤسسة، فإنه سيبتسم ويتفهم أنك تمازحه، ولكن عندما ترسل نفس الجملة في رسالة بالبريد الإلكتروني فيجد: يمكنك أن اتخاذ هذا القرار عندما تصبح رئيسا للمؤسسة، فإنه سيتصور أنك تستهزئ به لأنه مدير صغير.

اللغة:

استخدم اللغة المناسبة أيا كانت ولكن لا تستخدم العامية سواء الإنجليزية أو العربية. فلا تكتب :حندرس” ولكن قل “سندرس”، ولا تكتب “امبارح” ولكن اكتب “بالأمس”، ولا تكتب “Hey” ولكن اكتب “Hello” . ولا يوجد أي سماح باستخدام العامية. وكذلك لا تستخدم الاختصارات مثل: “4U” ولكن اكتب “for you”، وكذلك لا تستخدم الأرقام للدلالة على الحروف العربية كما تفعل عندما تكتب لصديقك على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تستخدم الرموز التعبيرية Emojis and emoctions مثل الوجه المبتسم والغاصب فهذا غير مناسب لرسائل العمل. وكذلك لا تستخدم الاختصارات مثل: I’ll ولكن اكتب  I will ولا تكتب don’t ولكن اكتب do not، ولا تكتب plz ولكن اكتب please. ويستثني lk `g;بعض الاختصارات التي تعتبر رسمية مثل:

.i.e

.etc

FYI

.Mr

انتبه للأخطاء الإملائية لأنها تجعلك تبدو كشخص مهمل أو لا يعرف اللغة، وقد تتسبب في سوء فهم يترتب عليه مشاكل في العمل. لذلك راجع الرسالة قبل أن ترسلها، واستخدم المدقق الإملائي في الحاسوب  لينبهك للأخطاء، ولكن لا تجعله يغير الكلمات تلقائيا لأنه قد يغير الكلمات لكلمات لم تقصدها أنت. كذلك انتبه للأخطاء النحوية في اللغة التي تستخدمها فوجود هذه الأخطاء لا يعطي انطباعا جيدا عنك. في النهاية لا تنس أن تستخدم علامات الترقيم أي الفاصلة والنقطة وخلافه بشكل صحيح بقدر ما تستطيع.

عندما ترسل رسالة مهمة جدا، أو ترسل رسالة لعدد كبير من الأفراد فمن المناسب أن تطلب من غيرك قراءتها قبل أن ترسلها لاكتشاف أي خطأ أو غموض أو ما قد يسبب التباس أو عدم ارتياح.

الرد على الرسائل:

إذا استلمت رسالة فأصابتك بالتوتر فتريَّثْ في الرد لكي لا ترد وأنت غاضب فتكتب ما تندم عليه، وتريَّثْ لأنك ربما بعد قليل تجد أن الرسالة لا تدعو للغضب ولكنك أسأت الفهم. قد لا يتبع المرسل النصائح الخاصة بالبعد عن المزاح، وبالتالي ربما قرأت الرسالة فتصورت أنه يستهزئ بك أو بزملائك، وهولا يقصد ذلك وإنما كان يريد أن يمازحك.

أما الرسائل الانفعالية فينبغي الرد عليها بحكمة لأن الردود الانفعالية لن تجدي نفعا لأن الطرف الآخر سيرد أيضا برسالة أكثر انفعالا وهكذا. الرسائل الانفعالية تحتاج ردا مهذبا يُحرِج المرسل، ولا يجعلنا نستجيب له لمجرد أنه منفعل، فمثلا يمكنك أن ترد قائلا: يبدو أن لديك نقاط كثيرة تستحق المناقشة ونقترح عقد اجتماع لمناقشتها يوم كذا ….. وبالطبع لكل مقام مقال، والرد على العميل غير الرد على الزميل، ولكن في كل الأحوال اجعل رسائلك مهذبة، وتذكر أن الرسالة المهذبة لا تعني التنازل او قبول ما يطلبه الطرف الآخر، ولكن الرسالة المهذبة تدل على شخص محترم يعمل بشكل احترافي.

عندما ترد لا تستخدم الرد على الجميع Reply All بدون داع، ولكن انظر من يحتاج أن يصله ردك، وفي كثير من الأحيان سيكون المرسل فقط.

العناصر الرئيسية للرسالة:

العناصر الرئيسية تشمل المرسل إليه أو إليهم، العنوان، التحية، جوهر الرسالة، الختام، التوقيع.

المرسل إليهم: 

المرسل إليه هو من توجه إليه أو إليهم الرسالة. يفضل عدم كتابة عنوان المرسل إليه إلا بعد انتهائك من كتابة الرسالة ومراجعتها والتأكد من إرفاق أي مرفقات، فذلك يمنع من خطأ إرسال الرسالة قبل إنهائها أو قبل وضع المرفقات، ويعطيك فرصة لتراجع نفسك إن كانت الرسالة قد تؤثر تأثيرا سلبيا. وهناك من تصلهم الرسالة على سبيل العلم وهو ما يسمى CC أي Carbon Copy أي صورة طبق الأصل وهو المصطلح المعتاد في الرسائل التقليدية، وهناك أيضا من تصلهم للعلم دون أن يظهر اسمهم أو بريدهم الإلكتروني على الرسالة نفسها ويسمى ذلك BCC أي Blind Carbon Copy. وتستخدم CC إذا كان لا يضر أن يطَّلِعَ مستقبلي الرسالة على البريد الإلكتروني لهذا الشخص، أما حين لا تريدهم أن يعرفوا بريده الإلكتروني أو لا تريد أن يعرفوا أنه قرأ تلك الرسالة فتستخدم BCC. وبصفة عامة فإن الأساس هو استخدام CC، وأما BCC فتستخدم في أحيان قليلة مثل أن ترسل رسالة لعدد كبير من الناس لا يعرفون بعضهم ولا يوجد سبب لتعرفهم ففي هذه الحالة ترسل الرسالة لنفسك وتضعهم جميعا في BCC.

حاول أن ترسل لرسالة لأقل عدد ممكن، لا تسترسل في إضافة أشخاص لا داعي لهم. ما هو العدد الذي ترسل إليه؟ لا يوجد عدد محدد ولكن لكل رسالة طبيعتها، وبالتالي عليك تقدير الأمور، وإن كان إرسال الرسالة لشخص ما مفيدا فأرسلها، ولكن لا ترسل رسالة مثلا لكل المديرين مع أنه تخص قليل منهم فقط.

أمثلة:

تريد أن ترسل رسالة لمديرك عن تطور عمل أنت مسئول عنه فترسل له وتضع زميلك الذي يساعدك كـ CC.

تريد أن ترسل رسالة لمسئول في مؤسسة أخرى لإخباره بأمر مهم، فترسل لهذا الزميل وتضع مديرك وزميلك الذي يساعد كـ CC لكي يعرفوا ما يحدث بينكما.

أنت ترد عل شكوى عميل في أمر مهم وتريد أن يعرف مديرك ما يجري، ولكن مديرك لا يريد أن يعرف العميل بريده الإلكتروني لكي تظل الاتصالات معك أنت بحكم وظيفتك، فترسل للعميل وتضع مدير كـ BCC.

العنوان:

لابد ان يكون العنوان معبرا عن محتوى الرسالة. لاحظ أن الشخص الواحد قد يصله عشرات رسائل البريد الإلكتروني يوميا، ولذلك فالعنوان المعبر سيساعده على الاهتمام بها وقراءتها. العنوان ينبغي أن يكون قصيرا في حدود بضع كلمات مثل:

تقرير عن مشكلة ….
تعديل رسم مشروع …..
دعوة لاجتماع بخصوص …

التحية:

لابد أن تبدأ بتحية أو نداء، ففي الإنجليزية تستخدم:

,Dear Mr. Ahmed

,Dear Mrs. Nadia

,Dear All

,Dear Gentlemen

,Dear Valued Customer

وفي العربية تستخدم

السيد مدير إدارة …..

وبصفة عامة فإن البريد الإلكتروني يتسم بالاختصار فلا تسترسل كثيرا، وعلى الجانب الآخر فالأمر يتوقف على ما هو متعارف عليه فقد تجد في بعض البلدان بفضلون صيغة تحية معينة أو استخدام ألقاب مختلفة، ولكن بصفة عامة هذه هي الصيغ المنتشرة. لا تستخدم العامية في التحية، والتزم بكتابة اللقب ما لم يكون العرف غير ذلك، أو تعرف أن المرسل إليه يفضل ذلك.

جوهر الرسالة

اهتم جدا بوضوح جوهر الرسالة بأقل عدد من الكلمات، واهتم أن يفهم القارئ ما تريده من أول جملتين، فالصياغة والاختصار مهمين في رسائل البريد الإلكتروني نظرا لكثرة الرسائل التي تصل كل موظف أو مدير كل يوم. حاول ألا تتشعب لموضوعات كثيرة وألا تسترسل في الكتابة. في العادة فإن رسالة البريد الإلكتروني تكون عدة أسطر من واحد إلى سبعة، وليست هناك قاعدة وربما تطول الرسالة إذا كانت دعائية، ولكن المفترض أن الرسالة تنقل معلومة محددة. وإذا كانت هناك معلومات كثيرة فيمكن أن ترفق تقريرا مع الرسالة، وبالتالي تظل الرسالة قصيرة، ويمكن لمن يريد التفاضيل أن يفتح الملف المرفق.

استخدم التنسيق المعتاد للبريد الإلكتروني، لا تحاول زيادة الخط، ولا تلوينه. لا تكتب بالحروف الكبيرة بالإنجليزية Capital Letters لأنها تعني أنك تصيح، ولا تستخدم اللون الأحمر لأنه يعطي نوعا من التهديد خاصا إذا كانت الجملة شديدة اللهجة، ونفس الأمر ينطبق على استخدام الخط السميك Bold، ومن غير المناسب كذلك استخدام خط تحت الكلام Underline.

عند الكتابة بالعربية فإنني عادة أكبر الخط قليلا لأن الخط المعتاد default يبدو صغيرا جدا في العريبة، لكن احترس لأن تكبير الخط كثيرا هو عادة سمة الأطفال. يمكن أحيانا استخدام Bold  بشكل محدود لإظهار كلمة مثل موعد الاجتماع أو ما شابه، ولكن لا تستخدمه لإظهار جملة حادة مثل: يجب ان يصلنا الرد غدا.

إذا لم يكن مستقبل الرسالة يعرفك فعليك أن تقدم نفسك في بداية الرسالة بإيجاز. احرص على عدم كتابة أمور شخصية في رسائل العمل لأنها عرضة للاطلاع وللنشر وللوصول بالخطأ لشخص آخر.

كن حريصا عند كتابة الرسائل بحيث لا تكتب شيئا قد يزعج مديرك أو زملاءك أو أي مسئول في المؤسسة لأن هذه الرسالة هي وثيقة وقد يتم تداولها رغما عنك. كذلك كن حريصا في عدم التطرق لأمور شخصية.

الختام

لابد أن تختم الرسالة بتحية مثل:

,Regards

,Thanks

ولكم جزيل الشكر

ومن المناسب أحيانا أن يسبقها جملة ختامية رميحة مثل: يسعدني الرد على استفساراتكم عبر هذا البريد الإلكتروني أو برجاء الرد قبل موعد كذا….

التوقيع

لابد أن تكتب اسمك في نهاية الرسالة وبأسفله اسم المؤسسة التي تنتمي إليها وموقعك فيها وتليفون العمل والمحمول وربما الموقع الإلكتروني مثل:

م. سامح محمد
موقع الإدارة والهندسة الصناعية
تليفون:
بريد إلكتروني:
لا تترك مسافات كبيرة بين السطور في التوقيع، ولا تجعله يشغل مساحة ضخمة.

المرفقات

من الممكن أن ترفق ملفا أو اثنين ذات حجم صغير مثل 1 أو 2 ميجابايت، ولكن إذا كنت سترسل ملفا كبيرا مثل 10 ميجا بايت فعليك أن تستأذن قبلها تلفونيا أو بأي وسيلة، ومن الأفضل أن تجعل المف أصغر حجما. يفضل ألا ترسل ملفات كثيرة في نفس الرسالة لأن التعامل معها لا يكون مريحا.

هذه نصائح عامة وعليك أن تراعيها، وتجتهد دائما في تحسين رسائلك لأن هذه الرسائل تحمل اسمك.