تحديد أسلوب أداء العمل بخطوات ومعايير هو عملية تبدو مُقيِّدة للإبداع، ومُسْتهلكة للوقت، وقد يظنّ البعض أنه لا داعي لها. فعلا توحيد طريقة أداء العمل هي عملية تستغرق وقتا في إعداد مستند يُبَيِّنُ أسلوب أداء العمل وما يصاحب ذلك من أوقات وقياسات وربما رسومات توضيحية، وهذه الخطوات القياسية تعني بالفعل أنه لا يمكن لكل شخص أن يعمل بما يراه هو ولكن عليه الالتزام بتلك الخطوات القياسية.
حسنا… دعنا نوفر هذا الجهد والعناء ونعمل بدون خطوات عمل قياسية، ودعنا نرى كيف ستكون بيئة العمل بدون خطوات عمل قياسية.
بدون خطوات عمل قياسية Standard
بدون خطوات عمل قياسية لن يكون هناك مَرْجِع للموظف يعتمد عليه ليؤدي العمل بصورة مُرْضِيَة، وباتالي فقد يُخطئ كثيرا، وقد يتعطل العمل، وقد يتضرر العملاء، وقد تحدث حوادث، وقد تكون هناك فواقد وخسائر نتيجة لطريقة عمل غير صحيحة.
بدون خطوات عمل قياسية لن يكون هناك مَرْجِع يرجع إليه المدير لتحديد إن كان الموظف قد أخطأ ام لا، وهذه مشكلة كبيرة، فالمدير سيمتدح الموظف أو يلُومه بناء على ما يراه في تلك اللحظة وليس بناء على وثيقة معتمدة تبين خطوات العمل، والموظف كذلك قد يبرر أخطاءه بحجج كثيرة منها السليم ومنها السقيم. أما في حالة وجود مرجع لأسلوب العمل فسيكون النقاش حول ضرورة الالتزام بخطوات العمل القياسية أو تقديم اقتراح بتعديلها للأفضل.
بدون خطوات عمل قياسية سيكثر الجدل، وسترتفع الأصوات فالموظف لا يعرف كيف يرضي مديره، والمدير مستاء من الموظف، فلا الموظف يعرف ما هو مطلوب منه، ولا المدير يفهم لماذا لا يريد الموظف أن يفعل ما يتمناه المدير.
بدون خطوات عمل قياسية ستتدخل المشاعر فيتَّهِم المديرُ الموظفَ بالغباء والفشل، وقد يُثني عليه بالذكاء والنجاح بلا بيِّنة حقيقية، فليس هناك مرجعية للتقييم. وكذلك ستجد كل موظف يرى نفسه أفضل الموظفين وهو غير ذلك.
بدون خطوات عمل قياسية لا يمكن أن تعطي موعدا للعميل، ولا يُمكن للعميل أن يتوقع وقت الخدمة أو التسليم، فكل موظف يعمل بطريقة بل ونفس الموظف قد يعمل اليوم بطريقة وغدا بطريقة أخرى.
بدون خطوات عمل قياسية نفتح بابا للفساد، فالموظف لديه حرية العمل بأي طريقة فقد يستخدم أسرع طريقة لكي يُنهي خدمة لصديقه بسرعة، وقد يستخدم أبطأ طريقة لأن العميل لم يُجامله.
بدون خطوات عمل قياسية ستتحسن الجودة وتسوء بدون أسباب ظاهرة، وبالتالي لن نتمكن من توقع نسبة جودة المنتج ولا جودة الخدمة، ولا يخفى عليك ما يترتب على ذلك من إعادة إنتاج وتاخر تسليمات، أو غضب العملاء وانصرافهم عنا.
بدون خطوات عمل قياسية لن يُمكِننا عمل تحسين حقيقي للعمل لأن كل موظف يعمل بطريقته فأي طريقة نُحسِّن؟ لابد من وجود أسلوب للعمل نَدرُسه ونُحسنه، وبدون ذلك ستكون هناك تحسينات فردية غير مدروسة.
بدون خطوات عمل قياسية سنبني مؤسسة الفوضى … نعم الفوضى … كم ننتج اليوم؟ لا نعرف. كم يستغرق هذا العمل؟ لا نعرف. كم سينتظر العميل؟ لا نعرف. ما هي النسبة المتوقعة للمنتجات المعيبة؟ لا نعرف. هل نحتاج لزيادة الموظفين؟ لا نعرف. إنها الفوضى.
خطوات العمل القياسية هي وثيقة حيّة
خطوات العمل القياسية هي وسيلة من وسائل التحسين فهي الأساس الذي نبني عليه التطور، وهي الوسيلة التي تضمن تطبيق التحسين واستمراره. لكي نفكر في التحسين لابد أن ندرس طريقة العمل الحالية والتي هي خطوات العمل القياسي، ونقوم بدراسة الفواقد، والملاحظة في الموقع، وتجميع بيانات، وبناء عليه نأتي بأفكار للتحسين. أما بدون خطوات عمل قياسية فإننا لن نعرف ماذا نُحسِّن فكل شخص يعمل بطريقة، وهذا يتسبب في مشاكل غير التي تظهر مع غيره، في هذه الحالة تكون الخطوة الأولى هي تحديد أسلوب العمل القياسي.
خطوات العمل القياسي هي الوسيلة لتطبيق التحسين فبدونها ستظهر أفكار ويُطبِّقها بعض العاملين لبعض الوقت ولا يُطبِّقها غيرهم ثم تندثر، ثم نأتي بافكار أخرى وتندثر وهكذا، وتكون المحصلة هي أننا لا نتحسن أو ربما نتقهقر. أما عند وضع التحسين داخل خطوات العمل القياسية، ومع وجود تلك الثقافة التي تحترم خطوات العمل القياسية فسيتم تطبيق التحسين وسيستمر، ثم بعد ذلك نأتي بتحسين آخر فندمجه في خطوات العمل القياسية وهكذا.
خطوات العمل القياسية هي وسيلة للتحسين وليست وسيلة لمنع التحسين، وهي قابلة للتغيير، ولكنه تغيير منظم، فلا يقرر كل موظف أن يعمل بأسلوبه ولكننا نضع فيها أفضل ما لدينا، ونضيف لها أي أفكار جديدة تثبت صلاحيتها، فهي وثيقة حيّة وليست جامدة.
خطوات العمل القياسية ليست وسيلة قهر
وضع خطوات العمل القياسية هو عمْل جماعِي يشترك فيه الموظف أو العامل القائم بالعمل كشريك أساسي في هذه العملية، ونجمْع فيها أفضل أساليب العمل، فهي ليست وسيلة قهر ولا فرض سلطة، بل هي وسيلة ننظم بها أنفسنا، وبهذا الأسلوب سيكون هناك تجاوب من العاملين في تطبيقها. ثم بعد ذلك ستكون النقاشات بين المدير والعامل مرجعها خطوات العمل القياسية التي وضعناها سويا، وبالتالي تكون النقاشات راقية ليس فيها جدالا ولا رفع صوت ولا اتهامات متبادلة.
لماذا نكره خطوات العمل القياسية؟
الكثير منا يكره خطوات العمل القياسية وذلك لأنه يقوم بإعدادها مُرغما لاستيفاء طلبات أنظمة جودة، ثم يضعها في ملفات أو في أدراج، ولا يتم استخدامها عمليا. بهذا الأسلوب ستصبح تلك الخطوات سيئة السُمْعَة وستكون شيئا بغيضا. ولكن ينبغي أن يكون إعداد خطوات العمل القياسية أمرا مُمْتِعَا نضع فيه أفضل ما لدينا ليكون مرجعا لنا، نضعه في موقع العمل، ونطوره، ونطبقه في كل يوم.
خطوات العمل القياسية لابد من وضعها بشكل مرئي وواضح في موقع العمل، فهذا يساعد المديرين والمشرفين على التأكد من تطبيقها، وهي وسيلة لتدريب أي عامل قليل الخبرة. كذلك قد يكون من المفيد وضع خطوات العمل القياسية التي تُهمّ العميل بحيث يراها العميل.