يوم القيامة يوم عظيم ذُكرت مراحله ومشاهده في القران الكريم دون معرفة وقت حدوثه، وهي من حكم الله عز وجل وعلمه الذي أخفى موعده عن سائر البشر، لكي يظل الإنسان يعمل حتى هذا اليوم ويكون مستعدًا له في أي وقت، ومن رحمة الله الواسعة بعباده أنه ذكر مشاهد يوم القيامة لنكون على علم تام لما في هذا اليوم من أهوال .

ولكي نعمل الخيرات ونبتعد عن عمل المعصيات، ولنعلم جميعًا أن وعد الله حق، وذكر ليوم القيامة عدة أسماء في القران الكريم منها القارعة والطامة والصارخة واليوم الآخر، وليوم القيامة العديد من المراحل كالبعث والنشور والحساب وغيرها.

ما هو البعث

البعث حق، ويُعني خروج الموتى من القبور بعد إعادة الجسد الذي أكله التراب إن كان من الأجساد التي يأكلها التراب، وهي أجساد غير الأنبياء وشهداء المعركة وبعض الأولياء، وأول من ينشق عنه القبر سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم، وأهل مكة والمدينة والطائف من أول من يبعث، والدليل على أن البعث حق قوله تعالى ” ثم إنكم يوم القيامة تُبْعَثون ” سورة المؤمنون/16.

وعند البعث يحاسب العبد على أعماله واهمها الصلاة وهي ركن من اركان الإسلام وهي أول ما يحاسب عليه العبد عند موته.

البعث في اللغة

البعث مأخوذ من بعثة يبعثه بعثا أي أرسله وحده وبعث به أي أرسله مع غيره وابتعثه أيضا أي أرسله، وقال الجوهري رحمه الله تعالى : “بعثه وابتعثه بمعنى، أي: أرسله، فانبعثَ، وقولهم: كنتَ في بَعْثِ فلانٍ، أي: في جيشه الذي بُعِثَ معه، والبُعوثُ: الجيوش، وبَعَثْتُ الناقةَ: أَثَرْتُها، وبَعَثَهُ من منامه، أي: أهَبَّه، وبَعَثَ الموتى: نَشَرَهُمْ ليوم البعث، وانْبَعَثَ في السير، أي: أسرع، وتَبَعَّثَ منِّي الشِّعْرُ، أي: انبعثَ، كأنَّه سار.

وقال الراغب رحمه الله تعالى “أصل البعث: إثارة الشيء وتوجيهه، يقال: بعثته فانبعث، ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علِّق به، فبعثت البعير: أثرته وسيَّرته، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾.

ما هو الحشر

الحشر هو أن يجمعوا بعد البعث إلى مكان ويكون على الأرض المبدلة وهي أرض مستوية كالجلد المشدود لا جبال فيها ولا وديان أكبر وأوسع من أرضنا التي نعيش عليها وهي بيضاء كالفضة، وهي أرض يُحشر يوم القيامة إليها العباد، ويكون الحشر على ثلاثة أحوال وهم :

ـ قِسْمٌ طَاعِمُونَ كَاسُونَ رَاكِبُونَ علَى نُوْقٍ رحَائِلُها مِن ذَهَبٍ وهُم الأَتْقِياءُ.

ـ وقسمٌ حُفاةٌ عُراةٌ وهُم المسلمونَ من أهْلِ الكَبائرِ.

ـ وقِسمٌ يُحشَرُونَ ويُجَرُّونَ على وجُوهِهم وهمُ الكفّارُ.

تعريف النشور

النشر في اللغة له العديد من المعاني منها البسط والانتشار وتقلب الإنسان في حوائجه والتفرق، ومجيئه بمعنى البسط مثل قوله تعالى ” وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ ، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا ﴾ ، أي: الملائكة التي تنشر الرياح أو الرياح التي تنشر السحاب، ومجيئه بمعنى الانتشار .

مثل قوله ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا ﴾ ، أي: جعل فيه الانتشار وابتغاء الرزق، ومجيئه بمعنى تقلب الإنسان في حوائجه مثل قوله تعالى ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ﴾، أي: تفرَّقوا فيها، وقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا ﴾ ، أي: تفرقوا

وفي القران الكريم ايات عظيمة تحثنا على الإيمان بالله وحده وأنه وحده لا شريك له، قال النبي محمد صلّ الله عليه وسلم مخاطباً الصحابي أُبي بن كعب “يا أبا المنذر ! أتدري أي اية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت : الله ورسوله أعلم . قال: يا أبا المنذر ! أتدري أي اية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري وقال: والله ! ليهنك العلم أبا المنذر”، وهي اية الكرسي الاية 255 من سورة البقرة .

النشور في الاصطلاح

والمقصود بالنشور في الاصطلاح هو البعث والمرادف له هو انتشار الناس من قبورهم إلى الموقف للحساب والجزاء، والنشور يراد به سريان الحياة في الأموات من أنه يراد به البعث في اليوم الآخر وخروج الناس من قبورهم أحياء، وهذا ما فسره قوله تعالى ﴿ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ ﴾ [34].

الفرق بين البَعْث والنشور

البعث هو إخراج الناس من القبور إلى الموقف والمراد بالنشور ظهور المبعوثين وظهور أعمالهم للمخلوقات ، النشور هو اسم لظهور المبعوثين وظهور أعمالهم للخلائق.