برزت الحضارة الآرامية في سوريا و المناطق الواقعة ما بين نهر دجلة والفرات ، و كونت هذه الحضارة بعض الدويلات خلال القرنين الثاني عشر و الثامن قبل الميلاد ، و أصبحت المجتمعات أكثر ازدهارًا و رقيًا و اتسعت حركة التجارة بين الحضارات .

نبذة عن حضارة آرام 

– هناك العديد من الأسئلة الشائعة حول العصر الآرامي فقد سُميت هذه الفترة باسم العصر المظلم ، و ذلك بسبب الكارثة التي ضربت المناطق السورية وأصابت عدداً من مراكز المدن في مطلع القرن الثاني عشر ق.م. الأمر الذي أدى إلى عدم وجود شواهد مكتوبة عن القرنين الأخيرين من الألفية الثانية ق.م .

– أشارت العديد من المصادر إلى أن الآراميون هم أحفاد سام بن سيدنا نوح عليه السلام ، الآراميون مجموعة من الشعوب التي أطلق عليها مصطلح الشعوب السامية ، و هناك قول آخر يشير إلى أن تسمية آرام تسمية جغرافية و المقصود بها الأراضي المرتفعة في المناطق الجبلية الشمالية ، و أطلق الآشوريون تسمية أرومو و آرامو على بلاد آرام و سكانها ، حيث عرف اسم آرام منذ عهد الملك الأكادي نارام سين “2250 ق.م ” ، و ذلك كما يقول موسكاتي في كتابه “الحضارة القديمة” .

تاريخ الحضارة الآرامية

– لم يكن الآراميون في بادئ أمرهم سوى قبائل رحل تجوب مختلف المناطق سعياً وراء الطعام و الشراب ، و بعد ذلك انتقلوا إلى أقصى الشمال ، فاستقروا هناك في أعالي ما بين النهرين ، و أخذوا يعملون في الزراعة ، و زحفت قلة منهم إلى مصر عن طريق صحراء سورية و برية سيناء ، إن طلائع القبائل الآرامية الزاحفة نحو الشام عرفت أولاً باسم (أحلامو) .

– أهم الممالك التي أسسها الآراميون مملكة “فدان آرام” و التي تقع في حوض البليخ ، و كان مركزها “حران” و هي تعني الطريق السهل ، و قد لعبت دوراً في تجارة العالم القديم و اشتد ثراء أهلها ، و تألقت حران في ذلك العهد حتى غدت من أزهى مراكز الثقافة الآرامية ، هناك أيضاً ثلاث إمارات آرامية متجاورة كونتها قبيلة(تيمانيا) ، و قد كان العصر الآرامي هو آخر عصر في سلسلة عصور ممالك القبائل ، التي توالت على السلطة في بلاد الهلال الخصيب ، منذ مطلع الألف الثالثة و حتى منتصف الأول ق.م ، حيث سقط المشرق العربي و أرض الكنانة في أيدي الأخمينيين .

– يستدل من الوثائق المكتوبة بالخط الآرامي و المكتشفة في دور كاتليمو في تل الشيخ حمد أن الآراميين تمتعوا بالحكم الذاتي و كتبوا وثائقهم بخطهم و بلغتهم ، و نعرف من أخبار الآشوريين أن الحكام المحليين كانوا آراميين و لم يستبدلوا بآشوريين إلا في حال تمردهم و عصيانهم .

التجارة البرية خلال الحضارة الآرامية

– اشتهر الآراميون بالتجارة ، حتى أنهم تفوقوا على الفينيقيين في التجارة البرية ، فقد احتكر الآراميون تجارة سورية الداخلية ، و ذلك من خلال سيطرتهم على طرق المواصلات المؤدية إلى البلاد المتاخمة ، حيث جابت قوافلهم التجارية بلدان الهلال الخصيب و وصلت حتى منابع الرافدين شمالاً و أفريقيا جنوباً .

– واحتل التجار الآراميون مكانًا مهمًا في البنية الاقتصادية للاخمينيين ، و تاجروا بالأقمشة المطرزة و الكتان و الحجر الكريم ، و جلبوا النحاس من قبرص ، و خشب الأبنوس من افريقيا ، و اللؤلؤ من الخليج العربي ، و نقلوا العطور و العقاقير و الزيوت و التمور و الثمار المجففة ، و اتصلوا في رحلاتهم ببلاد بعيدة استوردوا منها التوابل و البخور .

الصناعة في العصر الآرامي 

– و قد أجاد الآراميون صناعة التحف العاجية و صياغة الحلي الذهبية و الفضية و النحاسية ، و صناعة الأسلحة و المركبات الحربية ، و صناعة نسيج الأقمشة الحريرية المزركشة ، فقد عثر في تل حلف على إناء برونزي منقوش من النوع المسمى الإناء الانسيابي ، كما برع الآراميون في الصناعات المختلفة ، مثل : صناعة الملابس الصوفية و الكتانية و القطنية الجميلة ، و الأثاث الخشبي و الجلود ، و أدوات الكتابة .

الزراعة في العصر الآرامي 

– أشارت الدراسات إلى أن الآراميون اعتمدوا على في غذائهم بشكل متساو على الحبوب و الخضروات و الفاكهة ، و أبرز أنواع الحبوب التي بدا أنها كانت الأهم هي الشعير ثم القمح ، حيث كان الشعير وسيلة الدفع أو المقايضة في الحضارة الرافدية القديمة ، قبل أن تصبح الفضة و الذهب هي الوسيلة في وقت لاحق ، و كان الآراميون يتركون نصف الأرض الزراعية للراحة دون زراعة ، و ذلك من أجل المحافظة على خصوبة التربة و عدم إفقارها ، و ذلك عبر إتباع نظام متعاقب من الزراعة ، و الذي يعرف في أيامنا هذه بالدورة الزراعية ، و هناك نوعان من الزراعة ، الأول هو الزراعة البعلية التقليدية ، و الثاني الزراعة المروية .