يعد علم النفس التربوي أحد الفروع النظرية والتربوية في نفس الوقت من فروع علم النفس العام ، والمعروف بأنه دراسة وفهم الأنماط السلوكية للأفراد في المواقف التعليمية والتربوية المختلفة ، إذ يهتم بالدراسات السيكولوجية النفسية النظرية وطريقة تحويلها إلى مجموعة من الخطوات والإجراءات التطبيقية في المجال التعليمي ، بمعنى تطبيق قوانين ومبادئ علم النفس على الأصعدة التعليمية ، وادماجها في البيئة التربوية المتعلقة بالتنشئة الفعالة المؤثرة والإيجابية ، لرفع مستوى الإمكانات والمهارات والشخصيات للفئة الطلابية المعنية بالعملية الطلابية .

علم النفس التربوي يركز على عناصر العملية التعليمية ، إلى جانب عمليتي التعليم والتعلم ، ويمكن تعريفه على أنه فهم السيكولوجيات التربوية والدراسات والفهم العلمي للسلوكيات الإنسانية التي تظهر أثناء العملية التعليمية ، كما أنه يعني بتقديم الوسائل والأساليب والاستراتيجات لحل المشاكل التربوية والمتعلقة بالجانب التعليمي بشكل خاص .

علم النفس التربوي

تختلف موضوعات علم النفس التربوي باختلاف العلماء والباحثين فيه ، وظهر تباين وجهات نظرهم عبر التاريخ ، كما يرجع تعدد موضوعات علم النفس التربوي إلى اختلاف وتنوع المشاكل التي قد تحدث خلال العملية التعليمية والتعلمية ، والنتائج المترتبة عليها ، ولكن جمع الباحثون والعلماء أكثر موضوعات علم النفس تكرارا ووجودا في المؤلفات النفسية والعلمية .

أبرز هذه الموضوعات

– أساليب وطرق التدريس الحديثة والفعالة، بالإضافة إلى التحكم بالمواقف التعليمية في البيئات التربوية المختلفة.

– معرفة وفهم الخصائص النمائية بجميع جوانبها؛ الجسمية، والانفعالية، والخلقية، والاجتماعية، والمعرفية.

– طرق وشروط إنشاء الاختبارات النفسية  والتربوية، ومبادئ وأسس وضع الاختبارات التحصيلية بالطرق الفعالة التي تؤكد حصول هدف العملية التعليمية.

– اختبارات الذكاء والقدرات العقلية التي تقيس مستويات الإمكانات والاستعدادات الذهنية للطلبة، بالإضافة إلى أساليب فهم السمات الشخصية وأنماطها.

– الحياة الاجتماعية والتفاعلية التي تنشأ بين الطلاب وبين الطلاب والمعلمين.

– النظريات التعليمية التي تُعنى بعملية التعلم، والطرق العلمية لحدوث عملية التعلم وقياسها، والعوامل المؤثرة فيها سلباً وإيجاباً.

– طرق التكيف الاجتماعي والمدرسي في البيئة التعليمية للأفراد، بالإضافة إلى الصحة النفسية عند الطلاب ومستوياتها أثناء العملية التعليمية

أهمية علم النفس التربوي

تعد عمليات التعلم والتعليم معقدة ، إذا يحتاج المعلم فيها إلى تطوير مستمر ودائم لمهاراته التعليمية وأساليب تدريسه ، حتى تتناسب مع الأهداف التعليمية الخاصة والعامة ، وللتمكن من تحقيق هذه الأهداف ، والتأكد من تأدية العملية التعليمية لأغراضها .

كما يستفيد علم النفس التربوي من تجارب علماء النفس وخبراتهم في المجال التعليمي والتربوي ، ولكن لإنشاء نظريات متفردة للتعلم وأساليبه ، وتقديم القوانين والمبادئ الأساسية لتطبيق تلك النظريات ، وتبدو أهمية ودور علم النفس التربوي في وضع اختبارات القياس النفسي والتحصيلي والتربوي ، ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب في الفئات والمراحل المختلفة .

أهمية علم النفس التربوي في بعض النقاط

– تقديم القوانين وأساسيات النظريات المفسرة العلمية والتعليمية التي تتحكم بها للمعلم ، بهدف تطبيقها بصورة علمية وموضوعية في البيئة المدرسية والغرف الصفية ، كما تقدم هذه النظريات الاقتراحات الممكنة لبعض المشاكل التي يمكن التعرض لها من قبل المعلم أو الطالب خلال المواقف التعليمية المختلفة .

– استبعاد وإقصاء النظريات والآراء التعليمية التربوية التي تعتمد على الانطباعات الشخصية والملاحظات غير الدقيقة وغير الموضوعية، حيث استندت بعض هذه الآراء على الخبرات الشخصية، ووجهات النظر الذاتية، وغالباً ما تكون تتعارض مع أسس الحقائق والنظريات العلمية، وتُقيم هذه النظريات من خلال إخضاعها للبحث العلمي التربوي المنظم والمدروس.

– وتقديم المساعدة القائمين على العملية التعليمية ، للتعرف على مدخلات وعناصر العملية التعليمية ، مثل خصائص المتعلم والبيئة التعليمية ، مخرجاتها من أدوات التقييم والقياس والاختبارات التحصيلية والتربوية .

– إعطاء المعلم مهرات الوصف العلمي ، الفهم النظري للعملية التربوية التعليمية ، وذلك عن طريق تحقيق الأهداف العامة لعلم النفس التربوي ، والتي تشمل فهم العملية التعليمية وعناصرها ، التنبؤ بنتائجها ومحاولة ضبطها .

– توجيه الكادر التعليمي إلى الاستفادة من النظريات النفسية المتعلقة في عملية النمو، والخصائص النمائية التي تتبع المراحل العمرية، بالإضافة إلى دراسة الدوافع التعلمية، والمهارات العقلية، والذكاء، والتفكير، والتذكر، وحل المشكلات، وذلك لفهم آلية حدوث عملية التعلم والتعليم ، وتقديم الإرشادات والتطبيقات التربوية المناسبة في كافة هذه المجالات.

– يزود المعلم بأساس من القواعد والقوانين الصحيحة والسليمة لنظريات التعلم والتعليم، والتي تمكنه من اختيار تطبيقات المبادئ النفسية السيكولوجية ومدى ملائمتها لموقف تعليمي معين، بحيث يعتمد المعلم في تقدير الأسلوب المناسب حسب بيئة المدرسة والخصائص النفسية للمعلم والطالب.

– يقدم المساعدة للمعلم في تحديد مواطن القوة والضعف في آلية عمل العملية التعليمية ونتاجاتها، وبالتالي تبرز أهمية دراسة العوامل المؤثرة في نجاح أو فشل العملية التعليمية ومدى تحقيقها لأهدافها.

ومن أهم وأبرز هذه العوامل:

طرق واستراتيجيات التعلم ومدى ملائمتها لفئات الطلبة، ومدى مراعاتها للفروق الفردية، وشخصية الطالب وظروفه الاجتماعية ومستوى نضجه العقلي والمعرفي، إلى جانب مقدار دافعيته لعملية التعلم، كما أن الجو العام والانفعالي للغرفة الصفية له الأثر الكبير في سير العملية التعليمية بشكل صحيح وفعال، وتوجد الكثير من العوامل المؤثرة الأخرى التي ناقشها علم النفس التربوي في البحوث العلمية النظرية والتطبيقية.

– كما يقدم علم النفس التربوي الاستراتيجيات والطرق التي تساعد المعلم على فهم سيكلوجية ونفسية الطالب، من خلال وضع المناهج التعليمية في ضوء قدرات الطلبة واستعداداتهم، بحيث لا يتم تحميلهم أكثر من طاقتهم، والبحث في المشكلات النفسية التي يتعرض لها الطالب في المراحل العمرية المختلفة، بالإضافة إلى البحث في دوافع الطلبة لعملية التعلم وتوظيفها لوصول الطلبة إلى مرحلة التقبل والتفاعل الإيجابي ، وبالتالي تحقيق نجاح العملية التعليمية.