الابد والأزل هما من المفاهيم العميقة المنتشرة في الكتب الدينية، التي تبدوا أن لها معنى قريب، ولكنهم من المفاهيم المتقابلة، وفيما يلى سيتم التعرف على الفرق بين كل منهما .

الأبد

هو الشيء الذي لا نهاية له، وقد قال الراغب الأصفهاني : ” الأبد : الزمن الطويل الممتد، الذي لا يتجزأ كما يتجزأ الزمان، يقال زمان كذا ولا يقال أبد كذا، وحق الأبد أن لا يُثنّى ولا يجمع لأنه لا يتصور حصول أبد آخر يضم إليه فيثنّى به”.

وقد ورد الأبد ثمانية وعشرين مرة في القرآن منها قول الله تعالى (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاً . إلا طريق جهنم خالدين فيها أبداً)، وقوله تعالى  (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، لهم فيها أزواج مطهرة).

وقوله تعالى (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً، حتى تؤمنوا بالله وحده)

الأزل

هو الشي الذي له نهاية ولكنه ليس له بداية،  كما يقول البعض عن الأشياء القديمة التي لا يعرون بدايتها أنه موجودة منذ الأزل، وهـو كل شيء قـديم جدا ، وقد قال ابن منظور عن بعض أهل العلم  (أنّ أصل الكلمة هو قولهم للقديم “لم يزل” ثم نسب إليه فلم يستقم إلا باختصار، فقالوا (يزلي) ثم بدلت الياء ألفًا لأنها أخف فقيل (أزلي) كما قالوا في الرمح المنسوب إلى (ذي يزن) (أزني)، وأما الأبَد بفتح الباء فهو بمعنى الدهر والجمع آباد وأُبود، وقال سراقة بن مالك عن حديث الحج : أرأيت متعتنا هذه ألعامنا أم للأبد فقال بل هي للأبد أي لآخر الدهر.

قال في تاج العروس : ” أَزلِيٌ : مَنْسوبٌ إِلى الأَزَلِ ، وهو ما ليسَ بمَسبُوقٍ بالعَدَم . والمَوْجُودُ ثلاثةُ أَقْسامٍ لا رابعَ لها : أزلِيٌ أَبَدِيٌّ ، وهو الحَقُّ سُبحانه وتعالى ، ولا أَزلِيٌ ولا أَبَدِيٌّ وهو الدُّنْيا ، وأَبَدِيٌّ غيرُ أَزلِي وهو الآخِرَةُ ، وعَكْسُه محالٌ؛ إِذ ما ثبَت قِدَمُه اسْتحال عَدَمُه .

ويعتبر من اسماء الله الحسنى لأن كلمة الأزل تصف الله تعالى ولا يمكن أن تصف أي من المخلوقات، وهناك بعض الادلة في القرآن الكريم التي تدل على نفس المعنى، حيث قال تعالى في سورة الحديد (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

وقد فسر الشيخ ابن عثيمين قوله تعالى ” الأول” : أي  ليس قبله شيء لأنه لو كان قبله شيء لكان الله مخلوقاً وهو عز وجل الخالق ، كما فسر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله  ليس قبله شيء وأن كل الوجود بعد الله سبحانه وتعالى، فلا أحد مع الله ولا قبل الله .

الاختلاف بين الأبد والأزل

الأبد والأزل هما كلمتان متقابلتان لهما معنيان متقابلان، فالأبد هو المستقبل البعيد الذي ليس له نهاية، بينما الازل في الماضي البعيد الذي لا بداية له، وقد قال المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ : (فالله تَعَالَى موصوف بأنه بكل شيء عليم أزلاً وأبداً الأزل والأبد كلمتان متقابلتان تطلقان عَلَى أمرين متقابلين، فالأزل يطلق عَلَى ما ليس له ماضي ولا بداية له، والأبد يطلق عَلَى ما لا نهاية له).

ويقال أن كلا المفهومين يعتبرا من أسماء الله الحسنى، فوحده الله فهو الأول وليس له بداية ، وهو الآخر الذي ليس له نهاية حيث لكل الكائنات بداية ونهاية بينما الله هو الخالق الأول والآخر.