ذكرت النفس و الروح في الكثير من المواضع في القرآن الكريم و السنة النبوية المشرفة ، مما آثار العديد من التساؤلات حول هذا الأمر ، فهل هناك خلاف بين النفس و الروح و ما هو الاختلاف بين كليهما.

النفس وأقسامها

– تعتبر النفس الإنسانية جزء هام تم الحديث عنه من قبل القرآن الكريم و السنة النبوية المشرفة ، و قيل أن النفس هي الذات و تعتبر هي أساس وجود الإنسان ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) غافر: 17.

– تم تقسيم النفس البشرية إلى عدة أقسام من خلال القرآن الكريم ، تلك الأقسام حملت العديد من الصفات المختلفة ، فكان لكل نوعية من النفس الصفات الخاصة بها و التي تميزها.

أقسام النفس البشرية

النفس المطمئنة

تعتبر درجة النفس المطمئنة واحدة من أهم و أرفع درجات النفوس البشرية ، تلك التي يصعب الوصول إليها فهي مكانة مرموقة يهبها الله لمن يشاء ، و على الإنسان الصادق أن يبحث عن تلك النفس المطمئنة و يصل إليها ، تلك النفس التي تخلو من أي ضغائن و تتسم بالصدق في الفعل و القول ، و كذلك الصدق مع الله عز و جل و الصدق مع الغير ، و قيل عنها في كتاب الله العزيز (يا أيّتُها النّفسُ المُطمئِنّةُ ارجعي إِلى ربِّكِ راضيةً مرضيّةً فادخُلي فِي عِبادِي وادخُلِي جنّتِي).

النفس اللوامة

من بين أنواع الأنفس التي تم الحديث عنها في القرآن الكريم النفس اللوامة ، تلك النفس التي تعتبر في درجة وسط بين تلك الأمارة بالسوء و المطمئنة ، تلك التي ربما تقع بالذنب و لكنها تعترف بها و تلوم نفسها عليه فيما بعد ، و لكن تلوم نفسها عليه بعد أن يكون قد فات الأوان ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى ( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).

النفس الأمارة بالسوء

و هذه النفس تعتبر من أسوأ أنواع النفوس و العياذ بالله ، تلك النفس التي يقوم صاحبها دائما بارتكاب المعاصي و الآثام ، و لذلك سميت بالنفس الأمارة بالسوء ، و هذه النفس هي في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة و قد عرفناها في قوله تعالى (وَمَا أُبَرِّىءُنَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ).

تعريف الروح

أما عن الروح فتعتبر الجسم الخفي للحياة تسري في باقى أعضاء الإنسان و تنفذ بين جنبات الجسد ، و لكن ليس من البشر من يعرف ما هي هذه الروح و كيف تعمل و ما هي حقيقتها ، فقد خلقها الله بأمر منه تعالى و حاول الكثير من العلماء تحليلها و لكنهم لم يتوصلوا لأي شيء ، فقد قيل عنها أنها من علم رب العالمين و ليس لأحد أن يعلمها ، و الروح هي المنبع للعقل و الفقه و الابصار و غيرها ، كل هذه الأمور تتحكم فيها الروح و إذا نزعت من الإنسان لم يتمكن من فعل كل ذلك ، كما أن الله جل و على هو من ينفخ الروح في الإنسان ، و ذلك اعتمادا على قوله تعالى (فإذا سوّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) الحجر/ 29 ، (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) الزمر/ 68.

قول ابن تيمية عن الروح

والروح المدبرة للبدن التي تفارقه بالموت هي الروح المنفوخة فيه، وهي النفس التي تفارقه بالموت، قال النبي لما نام عن الصلاة: إن الله قبض أرواحنا حيث شاء وردها حيث شاء، وقال له بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك، وقال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا نام: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها وارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. وثبت أيضا بأسانيد صحيحة أن الإنسان إذا قبضت روحه فتقول الملائكة: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، اخرجي راضية مرضيا عنك، ويقال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ساخطة مسخوطا عليك، وفي الحديث الصحيح: إن الروح إذا قبض تبعه البصر، فقد سمى المقبوض وقت الموت ووقت النوم روحا ونفسا.

الروح و النفس عند ابن تيمية

لفظ الروح والنفس يعبر بهما عن عدة معان: فيراد بالروح الهواء الخارج من البدن والهواء الداخل فيه، ويراد بالروح البخار الخارج من تجويف القلب من سويداء الساري في العروق، وهو الذي تسميه الأطباء الروح، ويُسمى الروح الحيواني، فهذان المعنيان غير الروح التي تفارق بالموت التي هي النفس.