لم يتبادر إلى الذهن في يوم من الأيام أن نعلم بداية الأيام والشهور سواء كانت الشهور الميلادية أو الشهور الهجرية، فمنذ أن نشأنا ونحن نعلم مسميات هذه الشهور ونعلم أن هناك فرق بين التقويم الهجري والتقويم الميلادي، سواء في الأيام أو التاريخ، والمعروف أن التقويم الهجري هو تابع للمسلمين فأحداثهم قد ارتبطت بالتقويم الهجري والمناسبات والأعياد الدينية وهكذا، والتقويم الميلادي معروف أنه مرتبط لفصول السنة الأربعة الشتاء والصيف والربيع والخريف ولا يتغير أبدا من حيث موعد بداية ونهاية هذه الفصول، أما التقويم الهجري فإنه يتغير حتما بتتابع معين، والسبب في ذلك كله أن التقويم الميلادي يرتبط بالتقويم الشمسي أما التقويم الهجري يرتبط بالتقويم القمري، وفي مقالنا اليوم نتعرف أكثر بالتفصيل على الفرق بين التقويم الشمسي والتقويم القمري.

أولا التقويم الشمسي
يعتمد التقويم الشمسي على دوران الأرض حول الشمس والذي يقدر بحوالي 365 يوم وبضعة ساعات أو 366 يوما، وفي الأصل فإن التقويم الشمسي يعود إلى العهد الروماني وتحديدا في عام 45 قبل الميلاد، ويعتمد على الشهور الشمسية التي أولها شهر يناير وآخرها شهر ديسمبر، وهذا التقويم ثابت مع فصول السنة ويزيد على التقويم القمري بحوالي أحد عشر يوما تقريبا كل سنة .

وكان في الأصل تابع للتقويم القمري ويعتمد على دوران القمر حول الأرض، ولكن استنكف الرومان عد أيام الشتاء وكان عدد شهور السنة عشرة أشهر وهي كالتالي مارسيوس (مارس) نسبة للإله مارس، وأبريليس (أفريل) للآلهة اليونانية أبروفيد،وماييوس نسبة للآلهة مايا، وجونيوس (الآلهة الرومانية جونون)، وكينتيليس (الشهر الخامس)، وسكستيليس (الشهر السادس)، وسبتمبر (الشهر السابع)، وأكتوبر (الثامن)، ونوفمبر (التاسع)، وديسمبر (العاشر) ، وتبدأ هذه الأشهر بواحد وثلاثين يوما ثم في الشهر التالي ثلاثين يوما وهكذا بالتداول

ولكن في عد الملك توما الثاني أضاف شهري يناير وفبراير ومن هنا فأصبح العام يتألف من 355 يوما، وفي عهد القيصير جوليوس تم تحويل التقويم من قمري إلى شمسي لتفادي تحويل الفصول وتفاوتها مع الأشهر لتكن عدد أيام السنة 365 يوما بالتقريب وفي عام 1582 اصدر الباباجرجوري قرارا تكميليا تطابق بفضله التاريخ الميلادي مع التقويم الشمسي حتى وقتنا الحالي وهو التقويم المعروف الآن والذي يتألف من 12 شهرا.

ثانيا التقويم القمري
يعتمد التقويم القمري على حساب الأيام حسب دوران القمر حول الأرض أي حساب المدة التي يستغرقها للدوران 12 دورة كاملة حول الأرض، فكل دورة من هذه الدورات هي شهر قمري ومدة الدورة تكون بالتقريب 29 يوما و12 ساعة و44 دقيقة و2.803 ثانية وهو الأمر الذي يجعل عدد أيام الشهر التابع للتقويم القمري تتفاوت بين 29 و30 يوما، وعن طول السنة القمرية فإنها تكون 354 يوما و6 ساعات و48 دقيقة و36 ثانية في السنة البسيطة، أما السنة البسيطة فإنها تكون 355 يوما والتي تأتي بإضافة يوما واحدا لشهر ذي الحجة ليصبح 30 يوما.

وقد عرف التقويم القمري قبل الإسلام بحوالي 200 عام حسب التاريخ فكان التقويم الهجري المعروف في عهد سيدنا عمر بن الخطاب كان معروفا عند العرب منذ 412 ميلادية وقد كانت ثابتة بعدد أيام السنة الشمسية والدليل على ذلك الأسماء التي كانت تصف الشهور فعلى سبيل المثال رمضان نسبة للرمضاء أي الحر، والربيعان زمن الربيع، والجمادان أي تجمد الماء في فصل الشتاء، وذو الحجة لموسم الحج.

وقد حددت عدد أشهر التقويم القمري 12 شهرا وهي محرم، ربيع الأول، جمادي الأولى، رجب، رمضان، ذو القعدة، صفر، ربيع الآخر، جمادي الآخرة، شعبان، شوال، ذو الحجة ، كما حدد بداية التقويم الهجري هو هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة وكان المسلمون يستعملون الأشهر ويسمونها بأحداثها فالعام الأول الهجري عرف بالهجرة والعام الثاني بالأمر بالقتال والثالث بسنة التمحيص .

والسبب لبداية العمل بالتقويم الهجري هو أن ولي البصرة أبو موسى الأشعري في عهد عمر بن الخطاب قد أرسل إليه يقول ” إنه تأتينا من أمير المؤمنين كتب، فلا ندري على أي نعمل، وقد قرأنا كتابا محله شعبان، فلا ندري أهو الذي نحن فيه أم الماضي” وكان الاتفاق على بداية التأريخ للتقويم الهجري في عهد عمر بن الخطاب حيث يبدأ الشهر برؤية الهلال وينتهي برؤيته مرة أخرى

ولكن ما هو التقويم الأدق
في الحقيقة فهناك خلط بين التقويمين الشمسي والقمري بسبب ارتباط الناس بأن التقويم الشمسي خاص بالشعائر الإسلامية، وأن التقويم القمري خاص بميلاد المسيح عيسى ولكن الحقيقة بأن كلا من التقويمين أقدم سواء من ميلاد المسيح أو الهجرة النبوية، إضافة إلى أن التقويم القمري يعمل به بالصين قبل الهجرة بآلاف السنين، فقد خلق الله الشمس والقمر ومداراتهما تختلف عن الآخر وهو ما جعل هذا الاختلاف، ولكن الحقيقة بأن التقويم الشمسي أدق بكثير من التقويم الهجري وذلك لاستعماله في تحديد المظاهر الطبيعية وفصول السنة وانتهاء المواسم وحلول الأبراج ونضوج الثمار ومواعيد الزرع والحصاد ومواسم تزاوج الحيوانات.

والمدهش أيضا أن التأريخ الميلادي لم يستقم إلا عند متابعته للتقويم الشمسي، وفي نفس الوقت فالتأريخ الهجري لديه نقص السنة القمرية عن السنة الفعلية وتحدد ب 11 يوما وهو ما يجعل المناسبات الإسلامية كالحج وصيام رمضان تأتي بمواعيد وفصول مختلفة، ومن هنا فإن الفرق بين التقويمين من الممكن أن يصل إلى ثلاثة أعوام كل مائة عام وهو ما يعني أن 100 سنة شمسية تساوي 103 سنة قمرية وهكذا .