يقول بعض أهل العلم في دين الله بأن العفو أبلغ من المغفرة، أي أنه افضل منها، لكن في الحقيقة يوجد الكثير من الفروق بين العفو و المغفرة و يوجد أقول لكثير من العلماء سوف نوضحها.

العفو و المغفرة من صفات الله عز و جل
العَفْو هو اسم في اللغة العربية من الفعل عَفَوَ، و معناه عدم المعاقبة على فعل الشيء الخاطئ مع شرط القدرة على العقاب و التمكن منها، و العَفُوُّ هو الكثير العَفْو، و الله سبحانه و تعالى عَفُوُّ، و المغفرة اسم أيضا من الفعل غَفَرَ، و هو بمعنى التجاوز عن الذنوب و الخطايا و سترها و عدم فضح صاحبها، و من صفات الله تعالى أنه الغفور، و كلمة الغفور هي صيغة مبالغة من الفعل غَفَرَ، و معناها كثير الغفران و الستر، و الغَفَّار أيضا من صفات الله عز و جل، و هي أيضا صيغة مبالغة من الفعل غَفَرَ، و معناها كثير الغفران الذي يغفر الذنب بعد الذنب و هو معنى اكثر شمولية من الغفور.

العفو افضل من المغفرة
يرى بعض أهل العلم أن العفو أفضل من المغفرة، فيقول الإمام أبو حامد الغزالي في توضيح الفرق بين العفو و المغفرة بأن الله حين يعفو فهو يمحو السيئات و يتجاوز عن المعاصي و بالتالي لا يحاسب العبد عليها، و ذلك أفضل من المغفرة، حيث أن الله يغفر الذنب فيستره و لا يفضح صاحبه، و لا يعاقبه على عمله، و يرى الإمام الغزالي أنه بحسب الحديث الشريف الذي يقول: “التائب من الذنب كمن لا ذنب الله”، فذلك قمة الكرم من الله عز و جل، حيث يعفو عن التائب فيمحو كل ما سبق ليبدأ صفحة جديدة بعد التوبة.

المغفرة افضل من العفو
يرى قسم آخر من علماء الإسلام أن المغفرة أبلغ من العفو، و وضح هؤلاء رؤيتهم للأمر بأن الله حين يعفو و يمحو السيئات، لا يمنع العقاب و لا يمنح الستر و الثواب، بينما حين يغفر الذنوب للشخص فإنه يستره و لا يفضحه و ينال الثواب من الله و لا ينال العقاب، حيث يقول ابن جزي رحمه الله: ” العفو : ترك المؤاخذة بالذنب ، و المغفرة تقتضي ـ مع ذلك ـ : الستر ، و الرحمة تجمع ذلك مع التفضل بالإنعام “، و يقصد بذلك ان المغفرة تشمل العفو و الستر، فهي بذلك أفضل من العفو فقط، و يوافقه الرازي في تفسيره فيقول: ” الْعَفْو أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ الْعِقَابَ، وَ الْمَغْفِرَةَ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ جُرْمَهُ ، صَوْنًا لَهُ مِنْ عَذَابِ التَّخْجِيلِ وَ الْفَضِيحَةِ، كَأَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ: أَطْلُبُ مِنْكَ الْعَفْوَ ، وَ إِذَا عَفَوْتَ عَنِّي فَاسْتُرْهُ عَلَيَّ “، و يقول الكفوي رحمه الله :  “الغفران: يَقْتَضِي إِسْقَاط الْعقَاب ، و نيل الثَّوَاب، وَ لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا الْمُؤمن، وَ لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الْبَارِي تَعَالَى ، و الْعَفو : يَقْتَضِي إِسْقَاط اللوم و الذم، وَ لَا يَقْتَضِي نيل الثَّوَاب “.

وقال العسكري في الفرق بَين الْعَفو والغفران: أَن الغفران : يَقْتَضِي إِسْقَاط الْعقَاب ، وَ إِسْقَاط الْعقَاب هُوَ إِيجَاب الثَّوَاب ؛ فَلَا يسْتَحق الغفران إِلَّا الْمُؤمن الْمُسْتَحق للثَّواب . وَ لِهَذَا لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي الله ، فَيُقَال : غفر الله لَك ، وَ لَا يُقَال غفر زيد لَك ، إِلَّا شاذا قَلِيلا … وَ الْعَفو : يَقْتَضِي إِسْقَاط اللوم و الذم ، وَ لَا يَقْتَضِي إِيجَاب الثَّوَاب ، وَ لِهَذَا يسْتَعْمل فِي العَبْد ، فَيُقَال: عَفا زيد عَن عَمْرو ؛ وَ إِذا عَفا عَنهُ : لم يجب عَلَيْهِ إثابته”، و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :” الْعَفْوُ مُتَضَمِّنٌ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ قِبَلِهِمْ وَمُسَامَحَتِهِمْ بِهِ، وَالْمَغْفِرَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِوِقَايَتِهِمْ شَرَّ ذُنُوبِهِمْ، وَإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْعَفْوِ الْمُجَرَّدِ؛ فَإِنَّ الْعَافِيَ قَدْ يَعْفُو ، وَلَا يُقْبِلُ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ ، وَلَا يَرْضَى عَنْهُ . فَالْعَفْوُ تَرْكٌ مَحْضٌ، وَالْمَغْفِرَةُ إحْسَانٌ وَفَضْلٌ وَجُودٌ ” .

الفرق بين العفو و المغفرة
يتضح من المقارنة بين أقوال العلماء أن الرأي الغالب هو أن المغفرة ابلغ من العفو و أفضل منه، و لا يغفر الله إلا للمؤمنين، فيمحو سيئاتهم و يثيبهم ثوابا حسنا و لا يفضحهم بين الناس، بينما العفو هو التجاوز عن الخطأ، و الله يعفو و كذلك الإنسان بينما المغفرة صفة خالصة لله سبحانه و تعالى، و يستحب أن يطلب الإنسان من الله عز و جل العفو و المغفرة فينالهما معا.