قد ترد عليننا بعض الكلمات في القرآن الكريم ويخلط الناس في التفرقة ما بين هذه المسميات بسبب التقارب في الكلام ومنها كلمة صابروا واصبرا، فقد يعتقد البعض أنهما كلمتان لمرادف واحد، ولكن نود أن نشير أنهما مختلفان تماما عن بعض في المعنى وهذا ما سوف نوضحه لكم.

الفرق بين اصبروا وصابروا

الفرق بين الكلمتين هو أن كلمة أصبروا هو فعل أمر والمطلوب منه الصبر على أي شيء يتعرض لها الإنسان وخاصة الصبر على الشدائد أو المصائب.

أما الفعل الآخر وهو صابروا فهو يعني الأمر مغالبة أعداء الله على شدة الحرب.

وقد ذكر ابن كثير في التفسير أن الحسن البصري قال: ((أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه الله لهم وهو الإسلام، فلا يدعوه على السراء ولا الضراء ولا الشدة ولا الرخاء حتى يموتوا مسلمين، وأن يصابروا الأعداء)).

آيات قرآنية تتناول كلمة صابروا وأصبروا لتوضيح الفرق بينهم

لقد وردت آية كريمة في القرآن الكريم في سورة آل عمران ذكر فيها الكلمتان الصبر والمصابرة.

قال الله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ آل عمران: 200]

لقد ورت الكلمتان أصبروا وصابروا في هذه الآية الكريمة، وفي هذه الآية تبين المواجهة التي تتم بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل، وهي تربي أصحاب الحق تربية جهادية عظيمة وترشدهم إلى طريق الجهاد المبارك.

وكان المقصود من اصبروا على المواجهة النظرية بين أصحب الحق وأصحاب الباطل ونقاش أهل الكتاب من اليهود أو النصارى، وتقديم الأدلة على بطلانهم ودعاهم إلى الدخول في الإسلام لأنه الدين الوحيد الحق المعترف به عند الله تعالى.

أما كلمة صابروا فالمقصود بها هي المواجهة العسكرية بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل في ميدان المعركة، والمقصود هنا المعركة التي كانت في غزوة أحد، فقد جاء أمر صريح من الله تعالى بالجهد والصبر والمرابطة حتى ينال المسلمون الفوز والنصر.

لقد أمر الله تعالى المجاهدين في ميدان القتال بالصبر والمصابرة:

المقصود بالصبر هو حبس الأنفاس على ما تكره أو البقاء في الموقع مع الثبات على الطريق وتقوية العزيمة والإرادة على تحمل المشاق والمصاعب والآلام.

ومن خير التمثيل لأهمية الصبر للمجاهد قول الشاعر ((صابَرَ الصبر، فاستغاث به الصبرُ مقال الصبورُ: يا صبرُ صبراً)).

أما كلمة صابروا فعي للمفاعلة والمشاركة وتعتبر خطوة تالية لخطوة الصبر؛ لأن الصبر تأتي العزيمة والمجاهدة أما المصابرة فهي للعدو الذي يستطيع مواجهة المسلمين، لهذا فمن المطلوب على المسلمين المصابرة على أعدائهم بحيث أن يكون صبر المسلمين يفوق صبر الأعداء.

المقصود بكلمة أصبروا أي الصبر على محارم الله وتجنب فعلها وعدم القرب منها، والصبر على المعصية لا يكون إلا من حيث دعت النفس، أما الإنسان الذي لم يخطر على باله المعصية لا نستطيع أن نقول أنه صبر عليها، إنما الصبر على من جاهد نفسه في عدم المعصية.

أما المصابرة فهي الطاعة إلى الله تعالى والاستمرار في الطاعة فهي تتضمن أمران:

الأول تكلف النفس بإلزام نفسها على الصبر.

الأمر الثاني: الثقل على النفس لأن فعل الطاعة مثل ترك المعصية ثقيل على النفس لأن النفس بطبيعتها أمارة بالسوء، لهذا فإن صابروا تعني الزيادة في الصبر.