لا يعتبر مفهوم الإستدامه مصطلحا جديدا أو مبتكرا, بل هو مفهوم جسدته العمارة التقليدية في مختلف أرجاء العالم منذ القدم عبر التوافق العفوي المترابط مع البيئة والاستغلال الكفء لمصادر البيئة الطبيعية وفق تطور حثيث من التجربة والخطأ على مر السنين. في الماضي كانت العمارة الوسيلة الأساسية التي أبتكرها الإنسان لحمايته من ظروف البيئية الخارجية وذلك بالاعتماد على الطاقة السلبية أو الذاتية باستغلال مصادر الطاقة الطبيعية كالشمس والرياح وإمكانيات التربة.

إن التصميم المستدام المتوافق مع البيئة ليس فكرة جديدة بل إنها أقرب ما تكون فكرة ضائعة في الوقت الحاضر, تتكامل عناصر التصميم المستدام مع الفكر التصميمي للعمارة التقليدية, التي تم اختيارها وأثبت نجاح حلولها عبر فترات طويلة من التجربة والخطأ باستخدام مواد البناء المحلية وبتقنيات بسيطة مدروسة لكنها نابعة من بيئتها المحلية. منذ قديم الزمان حيث كان الإنسان يعيش في الكهوف مستفيدا من تطوير الموارد الطبيعية والتكيف مع البيئة لتحسين مستوى المأوى الذي يحميه.

إلى وقت قريب من تاريخ الإنسان كان التكيف يحدث ضمن مبادئ الاستدامة لأنها اعتمدت على الموارد المتاحة والتقنيات النابعة من البيئة حيث كانت الحلول فعالة ومتفاعلة مع البيئة والموارد المتوفرة دون الحاجة إلى تحويلها أو السيطرة عليها تعتبر المدينة العربية بنسيجها المتضامن التقليدي أفضل مثال على تطبيق مفهوم الاستدامة على مستوى المدينة ككل, فتخطيط المدينة ومعالجات مسارات الحركة من حيث العرض, الشكل الطول, التوجيه وتغيير الاتجاه يمثل الحركة الأساسية للتكيف مع البيئة, يؤدى النسيج المتضام إلى تلطيف مؤثرات المناخ القاسية والتخفيف من أثرها خاصة درجات الحرارة على الأبنية خاصة الوحدات السكنية, كذلك العمارة التقليدية, خاصة المسكن في الوطن العربي فإنها متجاوبة مع البيئة ونابعة منها سواء في الحلول التخطيطية أو الأفكار التصميمية أو مواد البناء أو في المعالجات المناخية, فالسكن كان هو الواحة التي تقضي فيه العائلة معظم وقتها للعيش وأداء الفعاليات اليومية.

توافق المسكن مع البيئة, بكل إيجابياتها وسلبياتها تم تحقيقه وفق استراتيجيتين هما: الحماية والتكيف الحماية كانت بالحد من تأثير ظروف البيئة الطبيعية القاسية كالمناخ الحار وقلة الرطوبة النسبية في بعض المناطق وارتفاعها في مناطق أخرى, أما التكيف فكان باستغلال الإمكانيات الكامنة لهذه الظروف القاسية والتعامل معها بما يحقق الراحة الحرارية, هناك العديد من المبادئ الأساسية التي استندت عليها عمارة المسكن التقليدي والتي يمكن مع بعض التعديل والتحوير والتطوير أن تكون مؤشرات دالة للتصميم والبناء في العمارة المعاصرة خاصة في مجال الوحدات السكنية.